الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ} (24)

{ أَلَمْ تَرَ } يا محمد يعني فإن الله يعلم بإعلامي إياك { كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } يعني ما بين الله شبهها { كَلِمَةً طَيِّبَةً } شهادة أن لا إله إلاّ الله { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } وهي النخلة يدل عليه حديث عتيب الحجاب قال : كان أبو العالية أميني فأتاني يوماً في منزلي بعدما صليت الفجر فانطلقت معه إلى أنس بن مالك فدخلت عليه فجيء بطبق عليه رطب .

فقال أنس : كل يا أبا العالية فإنّ هذه من الشجرة التي قال الله في كتابه{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } كشجرة طيبة . ثم قال أنس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع بُسر ، فقرأ هذه الآية ، ومعنى الآية : كشجرة طيبة الثمرة ، فترك ذكر الثمرة استغناءً بدلالة الطعام عليه .

وقال أبو ظبيان عن ابن عباس : هذه شجرة في الجنة أصلها ثابت في الأرض وفرعها عال في السماء كذلك أصل هذه الكلمة راجع في قلب المؤمن بالمعرفة والتصديق والإخلاص .

وإذا تكلم بالشهادة تذهب في السماء فلا يكتب حتى ينتهي إلى الله تعالى . قال الله

{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [ فاطر : 10 ] .

وروى مقاتل بن حيان عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنّ لله عموداً من نور أسفله تحت الأرض السابعة ورأسه تحت العرش ، فإذا قال العبد أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً عبده ورسوله اهتز ذلك العمود ، فيقول الله عزّ وجلّ : اسكن ، فيقول : كيف أسكن ؟ ولم تغفر لقائلها فيقول الرب : قد غفرت له فيسكن عند ذلك

" . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :أكثروا من هز ذلك العمود " .