أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة } شهادة أن لا إله إلا الله { كشجرة طيبة } وهو المؤمن { أصلها ثابت } يقول : لا إله إلا الله { ثابت } في قول المؤمن { وفرعها في السماء } يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء { ومثل كلمة خبيثة } وهي الشرك { كشجرة خبيثة } وهي الكافر { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } يقول : الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ، ولا برهان له ولا يقبل الله مع الشرك عملاً .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً . . . } الآية . قال : يعني بالشجرة الطيبة ، المؤمن . ويعني بالأصل الثابت في الأرض وبالفرع في السماء ، يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم ، فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } يقول : يذكر الله كل ساعة من الليل والنهار . وفي قوله { ومثل كلمة خبيثة } قال : ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر ، يقول : إن الشجرة الخبيثة { اجتثت } من فوق الأرض { ما لها من قرار } يعني أن الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى الله تعالى ، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء ، يقول : ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة .
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله { كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت } في الأرض ، وكذلك كان يقرؤها . قال : ذلك المؤمن ضرب مثله . قال : الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له { أصلها ثابت } قال : أصل عمله ثابت في الأرض { وفرعها في السماء } قال : ذكره في السماء { تؤتي أكلها كل حين } قال : يصعد عمله أوّل النهار وآخره { ومثل كلمة خبيثة } قال : هذا الكافر ، ليس له عمل في الأرض ولا ذكر في السماء { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } قال : أعمالهم يحملون أوزارهم على ظهورهم .
وأخرج ابن جرير ، عن عطية العوفي في قوله { ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال : ذلك مثل المؤمن ، لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إليه { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة } قال : ذلك مثل الكافر ، لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح .
وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { كشجرة طيبة . . . } إلى قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال : تجتمع ثمرتها كل حين . وهذا مثل المؤمن ، يعمل كل حين وكل ساعة من النهار وكل ساعة من الليل ، وفي الشتاء وفي الصيف بطاعة الله .
قال : وضرب الله مثل الكافر { كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } يقول : ليس لها أصل ولا فرع ، وليست لها ثمرة وليست فيها منفعة . كذلك الكافر ، ليس يعمل خيراً ولا يقوله ، ولم يجعل الله تعالى فيه بركة ولا منفعة له .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال : إن الله جعل طاعته نوراً ، ومعصيته ظلمة . إن الإِيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة ، ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع ، وإنه قد ضرب مثل الإِيمان فقال : { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة . . . } إلى قوله { وفرعها في السماء } وإنما هي الأمثال في الإِيمان والكفر . فذكر أن العبد المؤمن المخلص ، هو الشجرة . إنما ثبت أصله في الأرض وبلغ فرعه في السماء . إن الأصل الثابت ، الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له ، ثم إن الفرع ، هي الحسنة . ثم يصعد عمله أول النهار وآخره ، فهي { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } ثم هي أربعة أعمال إذا جمعها العبد : الإخلاص لله وحده ، وعبادته لا شريك له ، وخشيته وحبه وذكره . إذا جمع ذلك فلا تضره الفتن .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال : « يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور . فقال : أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا ، فركب بعضها إلى بعض ، أكان يبلغ السماء ؟ . . . أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء ؟ تقول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله عشر مرات في دبر كل صلاة . فذلك أصله في الأرض وفرعه في السماء » .
وأخرج الترمذي والنسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر ، فقال : « { مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة . . . } حتى بلغ { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } قال : هي النخلة { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة . . . } حتى بلغ { ما لها من قرار } قال : هي الحنظلة » .
وأخرج عبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والرامهرمزي في الأمثال ، عن شعيب بن الحجاب - رضي الله عنه - قال : كنا عند أنس فأتينا بطبق عليه رطب ، فقال أنس - رضي الله عنه - لأبي العالية - رضي الله عنه - كل يا أبا العالية ، فإن هذا من الشجرة التي ذكر الله في كتابه «ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها » قال : هكذا قرأها يومئذ أنس .
قال الترمذي - رضي الله عنه - : هذا الموقوف أصح .
وأخرج أحمد وابن مردويه بسند جيد ، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { كشجرة طيبة } قال : « هي التي لا ينقص ورقها . هي النخلة » .
وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «أخبروني بشجرة مثل الرجل المسلم ، لا يتحات ورقها ولا ولا ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها » قال عبد الله - رضي الله عنه - : فوقع في نفسي أنها النخلة ، فأردت أن أقول : هي النخلة ، فإذا أنا أصغر القوم . وثم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فلما لم يتكلما بشيء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هي النخلة » .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : لما نزلت هذه الآية { ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتدرون أي شجرة هذه ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : هي النخلة . قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فقلت : والذي أنزل عليك الكتاب بالحق لقد وقع في نفسي أنها النخلة ، ولكني كنت أصغر القوم ، لم أحب أن أتكلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك : ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير » .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « هل تدرون ما الشجرة الطيبة ؟ قال ابن عمر - رضي الله عنهما - : فأردت أن أقول هي النخلة ، فمنعني مكان عمر . فقالوا : الله ورسوله أعلم . فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر ، عن ابن مسعود في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة .
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة { تؤتي أكلها كل حين } قال : بكرة وعشية .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة . وقوله { كشجرة خبيثة } قال : هي الحنظلة .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والرامهرمزي ، عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة ، لا يزال فيها شيء ينتفع به ، إما ثمرة وإما حطب . قال : وكذلك الكلمة الطيبة ، تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.