تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ} (24)

الآية 2‌4 : وقوله تعالى : { ألم تر } قد ذكرنا أن كلمة { ألم } حرف تنبيه عن عجيب ، كان بلغه ، فغفل عنه ، أو تنبيه عن عجيب ، كان [ لم يبلغه ]{[9582]} . وقال أبو بكر الأصم : هي كلمة يفتتح بها العرب عند الحاجة ؛ يقول الرجل لآخر : ألم تر ما فعل فلان ، ونحوه . هذا يحتمل في غيره من المواضع ، وأما في هذا فإنه غير محتمل .

وقوله تعالى : { ألم تر كيف ضرب الله مثلا } قيل : بين الله مثلا ، وأظهر { كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال أبو بكر الكيساني : { كلمة طيبة } هو القرآن ، و { كلمة خبيثة } [ إبراهيم : 26 ] هي الكتب التي أحدثها الناس ؛ شبه القرآن بالشجرة الطيبة ، وهي النخلة على ما ذكر ، إن ثبت ، أو كل شجرة مثمرة ، وشبه الكتب التي أحدثها الناس بالشجرة الخبيثة ، وهي التي لا تثمر ، وقال : إنما شبه القرآن بالشجرة الطيبة لأن الشجرة الطيبة هي باقية إلى آخر الدهر ، ينتفع بها الناس بجميع أنواع المنافع ، لا يقطعونها ، فهي تدوم ، وتبقى دهرا . فعلى ذلك القرآن ، ينتفع به{[9583]} الناس ، وهو دائم أبدا .

وقوله تعالى : { أصلها ثابت وفرعها ثابت في السماء } { أصلها ثابت } لها قرار . فعلى ذلك القرآن ، هو ثابت بالحجج والبراهين ، والكتب التي أحدثها هؤلاء ، هي باطلة فاسدة ، لا حجة معها ، ولا برهان ، كالشجرة الخبيثة التي هي غير مثمرة ، لا بقاء لها ، ولا قرار ولا ثبات .


[9582]:من م، ساقطة من الأصل.
[9583]:في الأصل وم: بها.