مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ} (24)

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً } أي وصفه وبينه { كَلِمَةً طَيّبَةً } نصب بمضمر أي جعل كلمة طيبة { كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ } وهو تفسير لقوله : { ضرب الله مثلاً } نحو شرف الأمير زيداً كساه حلة وحمله على فرس ، أو انتصب { مثلا } ً و { كلمة } ب { ضرب } أي ضرب كلمة طيبة مثلاً يعني جعلها مثلاً ثم قال { كشجرة طيبة } على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي كشجرة طيبة { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } أي في الأرض ضارب بعروقه فيها { وَفَرْعُهَا } وأعلاها ورأسها { فِي السماء } والكلمة الطيبة كلمة التوحيد أصلها تصديق بالجنان ، وفرعها إقرار باللسان ، وأكلها عمل الأركان ، وكما أن الشجرة شجرة وإن لم تكن حاملاً فالمؤمن مؤمن وإن لم يكن عاملاً ولكن الأشجار لا تراد إلا للثمار فما أقوات النار إلا من الأشجار إذا اعتادت الإخفار في عهد الأثمار . والشجرة كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين ونحو ذلك والجمهور على أنها النخلة ، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : « إن الله تعالى ضرب مثل المؤمن شجرة فأخبروني ما هي ؟ » فوقع الناس في شجر البوادي ، وكنت صبياً فوقع في قلبي أنها النخلة فهبت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقولها وأنا أصغر القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا إنها النخلة » فقال عمر : يا بني لو كنت قلتها لكانت أحب إلي من حمر النعم