فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ} (24)

لما ذكر سبحانه مثل أعمال الكفار ، وأنها كرماد اشتدّت به الريح ، ثم ذكر نعيم المؤمنين ، وما جازاهم الله به من إدخالهم الجنة خالدين فيها ، وتحية الملائكة لهم ذكر تعالى ها هنا مثلاً للكلمة الطيبة ، وهي كلمة الإسلام ، أي : لا إله إلاّ الله ، أو ما هو أعمّ من ذلك من كلمات الخير ، وذكر مثلاً للكلمة الخبيثة ، وهي كلمة الشرك ، أو ما هو أعم من ذلك من كلمات الشرّ ، فقال مخاطباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو مخاطباً لمن يصلح للخطاب : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً } أي : اختار مثلاً وضعه في موضعه اللائق به ، وانتصاب { مثلاً } على أنه مفعول ضرب ، و{ كلمة } بدل منه ، ويجوز أن تنتصب الكلمة على أنها عطف بيان ل{ مثلاً } ، ويجوز أن تنتصب الكلمة بفعل مقدّر ، أي : جعل كلمة طيبة " كشجرة " طيبة ، وحكم بأنها مثلها ، ومحل { كشجرة } النصب على أنها صفة لكلمة ، أو الرفع على تقدير مبتدأ ، أي : هي كشجرة ، ويجوز أن تكون { كلمة } أوّل مفعولي { ضرب } ، وأخرت عن المفعول الثاني ، وهو { مثلاً } لئلا تبعد عن صفتها ، والأوّل أولى ، و { كلمة } وما بعدها تفسير للمثل ، ثم وصف الشجرة بقوله : { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } أي : راسخ آمن من الانقلاع بسبب تمكنها من الأرض بعروقها { وفروعها فِي السماء } أي : أعلاها ذاهب إلى جهة السماء مرتفع في الهواء .

/خ27