نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ} (24)

ولما تقرر بما مضى أن الحق ما قاله الله{[44954]} أو فعله أو أذن فيه ، وأن الباطل ما كان على غير أمره مما ينسب إلى الشيطان أو غيره من قول أو فعل ، وأنه لا يصلح في الحكمة أن ينفي الحق ولا أن{[44955]} يبقى الباطل{ إن الله لا يصلح عمل المفسدين{[44956]} }[ يونس :81 ] ، { ويحق الله الحق بكلماته{[44957]} } ، { {[44958]} ليحق الحق{[44959]} ويبطل الباطل{[44960]} }[ الأنفال :8 ] ، وقص سبحانه كلام أوليائه الذي هو من كلامه ، فهو{[44961]} أثبت الأشياء وأطيبها وأعظمها ثمرة{[44962]} ، وكلام أعدائه الذي هو من كلام الشيطان ، فهو أبطل الأشياء وأخبثها ، قرب سبحانه ذلك{[44963]} بمثل يتعارفه المخاطبون فقال : { ألم تر } أي يا من لا يفهم عنا هذا المثل حق الفهم سواه ! { كيف ضرب الله } أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً { مثلاً } أي سيره بحيث يعم نفعه ؛ والمثل : قول سائر يشبه فيه حال الثاني بالأول ؛ ثم بينه بقوله : { كلمة طيبة } أي جمعت أنواع الكرم فليس فيها شيء من الخبث ، وتلك الكلمة { كشجرة طيبة } .

ولما كانت لا تسر{[44964]} إلا بالثبات ، قال : { أصلها ثابت } أي راسخ{[44965]} في الأرض آمن{[44966]} من الاجتثاث بالرياح ونحوها { وفرعها } عالٍ{[44967]} صاعد مهتز{[44968]} { في } جهة { السماء * } لحسن منبتها وطيب عنصرها ؛ فالآية من الاحتباك : ذكر " ثابت " أولاً دال على عال صاعد{[44969]} ثانياً ، وذكر " السماء " ثانياً دال على الأرض أولاً .


[44954]:زيد من ظ و م ومد.
[44955]:زيد من ظ ومد.
[44956]:سورة 10 آية 81.
[44957]:سورة 10 آية 82.
[44958]:سقط ما بين الرقمين من ظ، وراجع سورة 8 آية 8.
[44959]:سقط ما بين الرقمين من ظ، وراجع سورة 8 آية 8.
[44960]:زيد من ظ و م ومد.
[44961]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: هو.
[44962]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: غيره.
[44963]:زيد من م ومد.
[44964]:من م ومد، وفي الأصل: لا تز، وفي ظ: لا تسعر.
[44965]:في ظ: راجح.
[44966]:في ظ: أي.
[44967]:من ظ و م، وفي الأصل: صايد تهتز، ولا يتضح ما بين الرقمين في مد.
[44968]:من ظ و م، وفي الأصل: صايد تهتز، ولا يتضح ما بين الرقمين في مد.
[44969]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: صاعدا.