إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ} (24)

{ أَلَمْ تَرَ } الخطابُ للرسول صلى الله عليه وسلم وقد عُلّق بما بعده من قوله تعالى : { كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً } أي كيف اعتمده ووضعه في موضعه اللائق به { كَلِمَةً طَيّبَةً } منصوبٌ بمضمر أي جعل كلمةً طيبة هي كلمةُ التوحيد أو كلَّ كلمة حسنةٍ كالتسبيحة والتحميدة والاستغفارِ والتوبة والدعوة { كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ } أي حكَم بأنها مثلُها لا أنه تعالى صيّرها مثلَها في الخارج وهو تفسير لقوله : { ضَرَبَ الله مَثَلاً } كقولك : شرّف الأميرُ زيداً كساه حُلةً وحمله على فرس ، ويجوز أن يكون ( كلمة ) بدلاً من مثلاً وكشجرة صفتُها ، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي هي كشجرة وأن يكون أولَ مفعوليْ ضرب إجراءً له مُجرى جعل قد أُخّر عن ثانيهما ، أعني مثلاً لئلا يبعُد عن صفته التي هي كشجرة ، وقد قرئت بالرفع على الابتداء { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } أي ضارب بعُروقه في الأرض ، وقرأ أنسُ بنُ مالك رضي الله عنه كشجرة طيبة ثابتٍ أصلُها ، وقراءةُ الجماعة أقوى سبكاً وأنسبُ بقرينته أعني قوله تعالى : { وَفَرْعُهَا } أي أعلاها { في السماء } في جهة العلو ويجوز أن يراد وفروعُها على الاكتفاء بلفظ الجنس عن الجمع .