تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ} (7)

{ 7-8 } { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }

وهذا من شدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمسلمين ، لما رأوا اجتماع أصحابه وائتلافهم ، ومسارعتهم في مرضاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، قالوا بزعمهم الفاسد :

{ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا } فإنهم - بزعمهم - لولا أموال المنافقين ونفقاتهم عليهم ، لما اجتمعوا في نصرة دين الله ، وهذا من أعجب العجب ، أن يدعى هؤلاء المنافقون الذين هم أحرص الناس على خذلان الدين ، وأذية المسلمين ، مثل هذه الدعوى ، التي لا تروج إلا على من لا علم له بحقائق الأمور{[1105]}  ولهذا قال الله ردًا لقولهم : { وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } فيؤتي الرزق من يشاء ، ويمنعه من يشاء ، وييسر الأسباب لمن يشاء ، ويعسرها على من يشاء ، { وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ } فلذلك قالوا تلك المقالة ، التي مضمونها أن خزائن الرزق في أيديهم ، وتحت مشيئتهم .


[1105]:- في ب: بالحقائق.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىَ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللّهِ حَتّىَ يَنفَضّواْ وَلِلّهِ خَزَآئِنُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلََكِنّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } .

يقول تعالى ذكره هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ يعني الذين يقولون لأصحابهم لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْد رَسُولِ اللّهِ من أصحابه المهاجرين حتى يَنْفَضّوا يقول : حتى يتفرّقوا عنه .

وقوله : ولِلّهِ خَزَائِنُ السّمَوَاتِ والأْرضِ يقول : ولله جميع ما في السموات والأرض من شيء وبيده مفاتيح خزائن ذلك ، لا يقدر أحد أن يعطي أحدا شيئا إلا بمشيته وَلَكِنّ المُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ أن ذلك كذلك ، فلذلك يقولون : لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينفضّوا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا على مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ حتى يَنْفَضّوا قال : لا تطعموا محمد وأصحابه حتى تصيبهم مجاعة ، فيتركوا نبيهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا على مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ حتى يَنْفَضّوا قرأها إلى آخر الاَية ، وهذا قول عبد الله بن أُبي لأصحابه المنافقين لا تنفقوا على محمد وأصحابه حتى يَدَعوه ، فإنكم لولا أنكم تنفقون عليهم لتركوه وَأجلوا عنه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا على مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ حتى يَنْفَضّوا إن عبد الله بن أُبي ابن سلول قال لأصحابه ، لا تنفقوا على من عند رسول الله ، فأنكم لو لم تنفقوا عليهم قد انفضوا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ حتى يَنْفَضّوا يعني الرّفد والمعونة ، وليس يعني الزكاة المفروضة والذين قالوا هذا هم المنافقون .

حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا يحيى بن أبي زائدة ، قال : حدثنا الأعمش عن عمرو بن مُرّة ، عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى ، عن زيد بن أرقم ، قال : لما قال ابن أُبي ما قال ، أخبرت النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فجاء فحلف ، فجعل الناس يقولون لي تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكذب ؟ حتى جلستُ في البيت مخافة إذا رأوني قالوا : هذا الذي يكذب ، حتى أُنزل : هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ} (7)

هم الذين يقولون أي للأنصار لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا يعنون فقراء المهاجرين ولله خزائن السموات والأرض بيده الأرزاق والقسم ولكن المنافقين لا يفقهون ذلك لجهلهم بالله .