النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ} (7)

{ هم الذين يقولون لا تُنفِقوا على مَنْ عِندَ رسولِ الله } الآية يعني عبد الله بن أُبيّ وأصحابه ، وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انكفائه من غزاة بني المصطلق في شعبان سنة ست نزل على ماء المريسيع ، فتنازع عليه جهجاه{[2990]} ، وكان مسلماً وهو رجل من غفار ، ورجل يقال له سنان ، وكان من أصحاب عبد الله بن أُبي ، فلطمه جهجاه ، فغضب له عبد الله بن أُبيّ وقال : يا معاشر الأوس والخزرج ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمّن كلبك يأكلك ، أوطأنا هذا الرجلَ ديارنا وقاسمْناهم أموالَنا ولولاها لانفضوا عنه ، ما لهم ، رد الله أمرهم إلى جهجاه ، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل ، فسمعه زيد بن أرقم وكان غلاماً ، فأعاده على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذر{[2991]} له قومه ، فأنزل الله هذه الآية والتي بعدها .

{ ولله خزائن السموات والأرض } فيه وجهان :

أحدهما : خزائن السموات : المطر ، وخزائن الأرضين : النبات .

الثاني : خزائن السموات : ما قضاه ، وخزائن الأرضين : ما أعطاه .

وفيه لأصحاب الخواطر ( ثالث ) أن خزائن السموات : الغيوب ، وخزائن الأرض القلوب .


[2990]:في ك جفاك وقد صوبناه من سيرة ابن هشام واسم الرجل. جهجاه بن مسعود وكان أجيرا لعمر بن الخطاب وهو من غفار أما سنان فمن جهينة. انظر السيرة 303/3.
[2991]:أي إن قوم عبد الله بن أبي اعتذروا لرسول الله عن فعلته.