البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ} (7)

{ هم الذين يقولون } : إشارة إلى ابن سلول ومن وافقه من قومه ، سفه أحلامهم في أنهم ظنوا أن رزق المهاجرين بأيديهم ، وما علموا أن ذلك بيد الله تعالى .

{ لا تنفقوا على من عند رسول الله } : إن كان الله تعالى حكى نص كلامهم ، فقولهم : { على من عند رسول الله } هو على سبيل الهزء ، كقولهم : { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } أو لكونه جرى عندهم مجرى اللعب ، أي هو معروف بإطلاق هذا اللفظ عليه ، إذ لو كانوا مقرين برسالته ما صدر منهم ما صدر .

فالظاهر أنهم لم ينطقوا بنفس ذلك اللفظ ، ولكنه تعالى عبر بذلك عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، إكراماً له وإجلالاً .

وقرأ الجمهور : { ينفضوا } : أي يتفرقوا عن الرسول ؛ والفضل بن عيسى : ينفضوا ، من انفض القوم : فني طعامهم ، فنفض الرجل وعاءه ، والفعل من باب ما يعدى بغير الهمزة ، وبالهمزة لا يتعدى .

قال الزمخشري : وحقيقته حان لهم أن ينفضوا مزاودهم .