بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ} (7)

ثم قال : { هُمُ الذين يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ } يعني : يتفرقوا . وروى سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا في غزوة ، فكسح رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار ، فقال الأنصاري يا للأنْصارِ وقال : المهاجري : يا للمهاجرين . فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ ، دَعُوهَا فَإنَّهَا فِتْنَةٌ " . فقال عبد الله بن أبي : والله لئن رجعنا إلى المدينة ، ليخرجن الأعز منها الأذل . فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب رأس هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دَعْهُ لا يَتَحَدَّث النَّاسُ أنَّ مُحَمَّداً يَقْتُلُ أصْحَابَهُ " .

وروى معمر ، عن قتادة أن عبد الله بن أبي قال لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله ، فإنكم لو لم تنفقوا عليهم قد انفضوا . قال : فاقتتل رجلان ، أحدهما من جهينة ، والآخر من غفار ؛ وكانت جهينة حليف الأنصار ، فظهر عليهم الغفاري ، فقال رجل منهم عظيم النفاق يعني : عبد الله بن أبي : عليكم صاحبكم حليفكم ، فوالله ما مثلنا ومثل محمد صلى الله عليه وسلم إلا كما قال القائل : سمِّن كلبك يأكلك . أما والله لئن رجعنا إلى المدينة . ليخرجن الأعز منها الأذلّ .

وروى معمر ، عن الحسن : أن غلاماً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا نبي الله ، إني سمعت أن عبد الله بن أبي يقول كذا . فقال : " فلعلك غضبت عليه " . فقال : أما والله يا نبي الله ، فلقد سمعته يقول ، فقال : " فلعله أخطأ سمعك " . فقال : لا والله يا نبي الله ، لقد سمعته يقول . فأنزل الله تعالى تصديقاً للغلام { لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المدينة } . فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بأذن الغلام ، وقال : «وَعَتْ أُذُنُكَ يَا غُلامُ » ، فنزل قوله تعالى : { هُمُ الذين يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ } . قال الله تعالى : { وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السماوات والأرض } يعني : مفاتيح السموات وهي المطر والرزق ، ومفاتيح الأرض وهي النبات . { ولكن المنافقين لاَ يَفْقَهُونَ } أمر الله تعالى .