{ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ } بقرب الاجتماع بيوسف وإخوته وأبيهم ، { أَلْقَاهُ } أي : القميص { عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا } أي : رجع على حاله الأولى بصيرا ، بعد أن ابيضت عيناه من الحزن ، فقال لمن حضره من أولاده وأهله الذين كانوا يفندون رأيه ، ويتعجبون منه منتصرا عليهم ، متبجحا بنعمة الله عليه : { أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } حيث كنت مترجيا للقاء يوسف ، مترقبا لزوال الهم والغم والحزن .
وتحقق ما وجده يعقوب من رائحة يوسف . . وحل أوان المفاجأة التي حكاها القرآن في قوله { فَلَمَّآ أَن جَآءَ البشير أَلْقَاهُ على وَجْهِهِ فارتد بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إني أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .
أى : وحين أقترب أبناء يعقوب من دار أبيهم ، تقدم البشير الذي يحمل قميص يوسف إلى يعقوب ، فألقى القميص على وجهه فعاد إلى يعقوب بصره كأن لم يكن به ضعف أو مرض من قبل ذلك .
وهذه معجزة أكرم الله - تعالى - بها نبيه يعقوب - عليه السلام - حيث رد إليه بصره بسبب إلقاء قميص يوسف على وجهه .
وهنا قال يعقوب لأبنائه ولمن أنكر عليه قوله { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } { أَلَمْ أَقُلْ } قبل ذلك { إني أَعْلَمُ مِنَ الله } أى : من رحمته وفضله وإحسانه { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أنتم .
{ فلما أن جاءه البشير ألقاه على وجهه فارتد بصسرا } .
{ أن } في قوله : { فلما أن جاء البشير } مزيدة للتأكيد . ووقوع { أنْ } بعد { لمّا } التوقيتية كثير في الكلام كما في « مغني اللّبيب » .
وفائدة التأكيد في هذه الآية تحقيق هذه الكرامة الحاصلة ليعقوب عليه السلام لأنها خارق عادة ، ولذلك لم يؤت ب { أن } في نظائر هذه الآية مما لم يكن فيه داع للتأكيد .
والبشير : فعيل بمعنى مُفعل ، أي المُبشر ، مثل السميع في قول عمرو بن معديكرب :
والتبشير : المبادرة بإبلاغ الخبر المسرّ بقصد إدخال السرور . وتقدم عند قوله تعالى : { يبشرّهم ربهم برحمة منه } في سورة براءة ( 21 ) . وهذا البشير هو يهوذا بن يعقوب عليه السلام تقدم بين يدي العِير ليكون أول من يخبر أباه بخبر يوسف عليه السلام .
وارتد : رجع ، وهو افتعال مطاوع ردّه ، أي رد الله إليه قوة بصره كرامة له وليوسف عليهما السلام وخارق للعادة . وقد أشرت إلى ذلك عند قوله تعالى : { وابيضّت عيناه من الحزن } [ سورة يوسف : 84 ] .
{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إنى أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
جواب للبشارة لأنها تضمنت القول ، ولذلك جاء فعل { قال } مفصولاً غير معطوف لأنه على طريقة المحاورات ، وكان بقية أبنائه قد دخلوا فخاطبهم بقوله : { ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون } فبيّن لهم مجمل كلامه الذي أجابهم به حين قالوا : { تالله تفتأ تذكر يوسف } [ يوسف : 85 ] الخ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.