فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَىٰٓ إِلَّا ذُرِّيَّةٞ مِّن قَوۡمِهِۦ عَلَىٰ خَوۡفٖ مِّن فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِمۡ أَن يَفۡتِنَهُمۡۚ وَإِنَّ فِرۡعَوۡنَ لَعَالٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (83)

قوله : { فَمَا آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُريَّة من قَوْمِهِ } الضمير يرجع إلى موسى : أي من قوم موسى ، وهم طائفة من ذراري بني إسرائيل . وقيل : المراد : طائفة من ذراري فرعون ، فيكون الضمير عائداً على فرعون . قيل : ومنهم مؤمن آل فرعون وامرأته ، وماشطة ابنته ، وامرأة خازنه . وقيل : هم قوم آباؤهم من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل ، روي هذا عن الفراء { على خَوْفٍ مّن فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِم } الضمير لفرعون ، وجمع لأنه لما كان جباراً جمعوا ضميره تعظيماً له . وقيل : إن قوم فرعون سموا بفرعون مثل ثمود ، فرجع الضمير إليهم بهذا الاعتبار . وقيل : إنه عائد على مضاف محذوف ، والتقدير : على خوف من آل فرعون ، وروي هذا عن الفراء . ومنع ذلك الخليل ، وسيبويه ، فلا يجوز عندهما : قامت هند وأنت تريد غلامها . وروي عن الأخفش أن الضمير يعود على الذرية ، وقوّاه النحاس : { أَن يَفْتِنَهُمْ } أي : يصرفهم عن دينهم بالعذاب الذي كان ينزله بهم ، وهو بدل اشتمال . ويجوز أن يكون في موضع نصب بالمصدر { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرض } أي : عات متكبر ، متغلب على أرض مصر { وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين } المجاوزين للحد في الكفر ، وما يفعله من القتل والصلب ، وتنويع العقوبات .

/خ87