بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ} (43)

{ قَالَ سَآوِى } يعني : قال ابنه : سأصعد { إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الماء } يعني : يمنعني من الماء ، أم من الغرق ، ولا أؤمن ، ولا أركب السفينة ، { قَالَ } نوح : { لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله } يقول : لا مانع اليوم من عذاب الله ، أي الغرق ، لا جبل ولا غيره { إِلاَّ مَن رَّحِمَ } يعني : إلا من قد آمن ، فعصمه الله .

ثم قال : { وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج } يعني : فرَّقَ بين كنعان ، وبين الجبل الموج ، وهذا قول الكلبي . وقال مقاتل : { وحال بينهما } ، يعني بين نوح وابنه الموج ، { فَكَانَ مِنَ المغرقين } يعني : فصار من المغرقين .

وروي عن ابن عباس أنه قال : أمطرت السماء أربعين يوماً ، وخرج ماء الأرض أربعين يوماً الليل والنهار ، فذلك قوله :

{ فَفَتَحْنَآ أبواب السمآء بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } [ القمر : 11 ، 12 ] وارتفع الماء على كل جبل في الأرض ، خمسة عشر ذراعاً . وروي عن الحسن ، أنه قال : ارتفع الماء فوق كل جبل ، وكل شيء ، ثلاثين ذراعاً . وسارت بهم السفينة ، فطافت بهم الأرض كلها في خمسة أشهر ، ما استقرت على شيء ، حتى أتت الحرم فلم تدخله ، ودارت بالحرم أسبوعاً ، ورفع البيت الذي بناه آدم إلى السماء السادسة ، وهو البيت المعمور ، وجعل الحجر الأسود على أبي قبيس . ويقال : أودع فيه ، ثم ذهبت السفينة في الأرض حتى انتهت بهم إلى الجودي ، وهو جبل بأرض الموصل ، فاستقرت عليه بعد خمسة أشهر .