بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا} (28)

{ واصبر نَفْسَكَ } ، يقول : واحبس نفسك { مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم } ، أي يصلون لله تعالى { بالغداة والعشى } ، يعني : الصلوات الخمس .

قال ابن عباس : نزلت الآية في سلمان ، وصهيب ، وعمار بن ياسر ، وخباب بن الأرت ، وعامر بن فهيرة ، ونحوهم من الفقراء قالوا : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ذات يوم ، عنده سلمان على بساط منسق بالخوص أي منسوجاً إذ دخل عليه عيينة بن حصن الفزاري ، فجعل يدفعه بمرفقه وينحيه ، حتى أخرجه من البساط . وكان على سلمان شملة قد عرق فيها فقال عيينة : إنَّ لنا شرفاً ، فإذا دخلنا عليك فأخرج هذا واضربه ؛ فوالله إنه ليؤذيني ريحه . أما يؤذيك ريحه ؟ فإذا خرجنا من عندك ، فأدخلهم وأذن لهم بالدخول إن بدا لك أن يدخلوا عليك أو اجعل لنا مجلساً ولهم مجلساً ، فنزل : { واصبر نَفْسَكَ } إلى { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } ، أي يطلبون رضاه .

{ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } ، أي لا يتجاوزهم إلى زينة الحياة الدنيا ويقال : لا تحتقرهم ولا تزدرهم . { تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا } ، أي ما قال عيينة بن حصن الفزاري وأمثاله { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } ، أي عن القرآن ، { واتبع هَوَاهُ } في عبادة الأصنام . { وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } ، أي ضياعاً ؛ وقال السدي : هلاكاً . قال أبو عبيدة : ندماً ؛ وقال القتبي : أصله من العجلة والسبق . قال المفسرون : أي سرفاً ؛ وقال الزجاج : تفريطاً وهو العجز .