بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱنتَصَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا ظُلِمُواْۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَيَّ مُنقَلَبٖ يَنقَلِبُونَ} (227)

ثم استثنى شعراء المسلمين حسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك رضي الله عنهم ، فقال عز وجل : { إِلاَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَذَكَرُواْ الله كَثِيراً } يعني : ذكروا الله في أشعارهم . ويقال : وذكروا الله عز وجل في الأحوال كلها { وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } يعني : انتصر شعراء المسلمين من شعراء الكافرين ، فكافؤوهم والبادىء أظلم . ويقال : انتصروا من أهل مكة من بعدما أخرجوا ، لأن الحرب تكون بالسيف وباللسان ، فأذن القتال بالشعر ، كما أذن بالسيف ، إذ فيه قهرهم .

ثم أوعد شعراء الكافرين فقال تعالى : { وَسَيَعْلَمْ الذين ظَلَمُواْ } يعني : الذين هجوا المسلمين { أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } يعني : أي مرجع يرجعون إليه في الآخرة يعني : إلى الخسران والنار . ويقال : هاتان الآيتان مدنيتان ، يذكر أنه لما نزل { والشعراء يَتَّبِعُهُمُ الغاوون } جاء عبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت ، وهما يبكيان فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { والشعراء } إلى قوله : { إِلاَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } فقال : عليه السلام " هذا أنتم { وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } » . وروي عن عكرمة قال عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً ، وَإِنَّ مِنَ الشُّعَرَاءِ لَحُكَمَاءَ " وفي رواية أخرى : " إن لمن الشعر لحكما وَإِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْراً " والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم .