بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

قوله عز وجل : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ النساء مِن بَعْدُ } قال مجاهد : أي لا تحل لك اليهوديات ولا النصرانيات { مِن بَعْدِ } ، يعني : من بعد المسلمات ، { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } . يقول : لا تبديل اليهوديات ، ولا النصرانيات على المؤمنات . يقول : لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية إلا ما ملكت يمينك من اليهوديات والنصرانيات يتسراهن . قال الحسن وابن سيرين : خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نساءه بين الدنيا والآخرة ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، فشكر الله لهن على ذلك ، فحبسه عليهن . فقال : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ النساء مِن بَعْدُ } { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } يعني : لا يحل لك أن تطلق واحدة منهن ، وتتزوج غيرها . قرأ أبو عمرو : { لاَ تُحِلُّ } بالتاء بلفظ التأنيث . وقرأ الباقون : بالياء ، بمعنى لا يحل لك من النساء شيء . ويقال : معناه لا تحل لك جميع النساء . فمن قرأ : بالتاء بالتأنيث يعني : جماعة النساء .

ثم قال : { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } يعني : أسماء بنت عميس أراد أن يتزوجها ، فنهاه الله تعالى عز وجل عن ذلك ، فتركها وتزوجها أبو بكر رضي الله عنه بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } من السريات { وَكَانَ الله على كُلّ شيء رَّقِيباً } من أمر التزويج { رَقِيباً } يعني : حفيظاً . وروى عمرو بن دينار ، عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حلّ له النساء بعد قوله " : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ النساء } .