بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ} (13)

قوله عز وجل : { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن محاريب } يعني : المساجد . ويقال : الغرف . { وتماثيل } يعني : على صور الرجال من الصفر والنحاس لأجل الهيبة في الحرب وغيره . ويقال : ويجعلون صوراً للأنبياء ليستزيد الناس رغبة في الإسلام .

ثم قال : { وَجِفَانٍ كالجواب } يعني : قصاعاً كالحياض الكبيرة . ويجلس على القصعة الواحدة ألف رجل أو أقل أو أكثر . الجابية في اللغة : الحوض الكبير وجماعته جواب . قرأ ابن كثير : { كالجوابي } بالياء في الوقف والوصل جميعاً . وقرأ أبو عمرو : وبالياء في الوصل والباقون : بغير ياء . فمن قرأ بالياء فلأنه الأصل ومن حذف فلاكتفائه بكسر الياء .

{ وَقُدُورٍ راسيات } يعني : ثابتات في الأرض لا تزول من مكانها ، وكان يتخذ القدور من الجبال . قال مقاتل : كان ملكه ما بين مصر وبابل . وقال بعضهم : جميع الأرض .

ثم قال : { اعملوا آلَ دَاوُد } يعني : يا آل داود { شكرا } لما أعطيتكم من الفضل . ويقال : معناه اعملوا عملاً تؤدوا بذلك شكر نعمتي { وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِي الشكور } و{ الشكور } هو المبالغة في الشكر . وهو من كان عادته الشكر في الأحوال كلها . ومثل هذا في الناس قليل . وهذا معنى قوله : { وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِي الشكور } وروي عن أبي العالية أنه قال هو شكر الشكر يعني : إذا شكر النعمة يعلم أن ذلك الشكر بتوفيق الله عز وجل .

ويشكر لذلك الشكر ، وهذا في الناس قليل .

قرأ حمزة : { مّنْ عِبَادِي الشكور } بسكون الياء . وقرأ الباقون : بالنصب وهما لغتان وكلاهما جائز .