بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَۖ وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ وَإِن يَرَوۡاْ كُلَّ ءَايَةٖ لَّا يُؤۡمِنُواْ بِهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (25)

قوله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } يعني : إلى حديثك وقراءتك . يعني : يستمعون ولا ينفعهم ذلك { وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } يعني : غطاءً مجازاً لكفرهم . { وفي آذانهم وقرا } يعني : صمماً وثقلاً لا يفقهون حديثك . وقال قتادة : يسمعونه بآذانهم ولا يعون منه شيئاً ، كمثل البهيمة التي تسمع القول ولا تدري ما هو .

ثم قال : { وَإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها } يعني : انشقاق القمر وغيره { حتى إِذَا جاءوك يجادلونك } يعني : يخاصمونك بالباطل ، وينكرون أن القرآن من الله تعالى { يَقُولُ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين } وذلك أن النضر بن الحارث كان يخبر أهل مكة بسير المتقدمين وبأخبارهم فقالوا له : ما ترى فيما يقول محمد صلى الله عليه وسلم قال : لا أفهم مما يقول شيئاً ، ولا أدري أنه من أساطير الأولين الذي أخبركم به مثل حديث رستم واسفنديار . وقال القتبي : واحدها أسطورة واسطارة ومعناها : التَّرهات . والأباطيل البسابس ، وهي شيء لا نظام له وليس بشيء . وفي هذا دلالة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يتكلمون فيما بينهم بالسر ، فيُظهِر الله أسرارهم للنبي صلى الله عليه وسلم .