الآية 25 وقوله تعالى : { ومنهم من يستمع إليك } [ يحتمل وجوها .
أحدها ]{[6972]} : كانوا يستمعون إليه ليجادلوه على ما ذكر { حتى إذا جاءوك يجادلونك } دل هذا أنهم كانوا يستمعون إليه للمجادلة معه والخصومة .
وقيل في بعض الحكايات أن الناس كانوا ثلاث{[6973]} فرق في أخبار الرسل والأنبياء عليهم السلام منهم من يستمع للجمع والاستكثار ، ومنهم من يستمع ليأخذ عليهم سقطاتهم وما يجري على لسانهم من الخطإ ، ومنهم من يستمع ليأخذ الحق منه ، ويترك الباقي . لكن هؤلاء يستمعون إليه ليخاصموا في ذلك ، وليجادلوه ليعرف قومهم أنهم يستمعون إليه ، ويعرفون ما يقول ليصدوا بذلك أتباعهم .
والثاني : يستمعون ، ويحاجون في ذلك ليعرفوا أنهم أهل حجاج وعلم ليصدوهم عنه ثم يحتمل{[6974]} أن يكونوا أهل نفاق لأنهم كانوا يرون يظهرون{[6975]} الموافقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويضمرون الخلاف له .
ويحتمل{[6976]} [ أن يكونوا ] أهل الشرك أي رؤساءهم يستمعون إليه ، ويجادلونه{[6977]} في ما يستمعون إليه .
وقوله تعالى : { وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا } [ أخبر أن على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا ]{[6978]} ، وقال { صم بكم عمي } [ البقرة : 18 و 171 ] نفى عنهم ذلك لما [ لم ]{[6979]} ينتفعوا بذلك كله . وإن لم يكونوا في الحقيقة صما ولا بكما ولا ما ذكر لما لم ينتفعوا بما أنشأ فيهم من السمع والبصر والعقل فنفى عنهم ذلك .
ثم قوله تعالى : { وجعلنا على قلوبهم أكنة } لا تخلو إضافة ذلك إلى نفسه من أن يكون خلق منهم فعل الكفر ، أو خلق الظلمة في قلوبهم ؛ يعني ظلمة الكفر لأن ظلمة الكفر تستر ، وتغطي كل شيء ، ونور الإيمان ينير منه كل شيء . فإضافة الفعل إليه لا تخلو من أحد هذين الوجهين ؛ إما لخلق فعل الكفر منهم ففيه دلالة خلق أفعالهم ، وإما لخلق ظلمة الكفر في قلوبهم ففيه رد قول المعتزلة لإنكارهم خلق فعل العباد .
وقوله تعالى : { وفي آذانهم وقرا } قيل : الوقر هو الثقل في السمع ؛ يقال : وقرت أذنه توقر وقرا ، فهي موقورة . وأما الوقر فهو الحمل ، وقال أبو عوسجة : الوقر الصدع في العظم أيضا .
وقوله تعالى : { وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها } يحتمل { كل آية } آية وحدانيته وربوبيته وقدرته على البعث وآية رسالة ونبوته . ويحتمل { كل آية } سألوا أن يأتي بها ؛ يقول : وإن{[6980]} أوتيت بكل آية سألوك لا يؤمنوا{[6981]} بك بعد ذلك أبدا كقولهم : { لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا } [ الفرقان : 21 ] ونحو ذلك مما سألوا من الآيات ؛ يقول : وإن جئت بما سألوك من الآيات لا [ يؤمنوا بك ، ولا يصدقوك ، ويقولوا ]{[6982]} : { إن هذا إلا أساطير الأولين } قيل : أحاديث الأولين . والأسطورة : الكتاب .
يقولون ذلك تعنتا منهم لأنهم كانوا يعرفون أنه حق وأنه ليس بكلام البشر لأنهم عجزوا عن إتيان مثله . ولو كان مفترى على ما قالوا لقدروا هم على أن يأتوا بشيء مثله حين{[6983]} قيل لهم : { فأتوا بسورة من مثله } [ البقرة : 23 ويونس : 38 ] فعلموا بعجزهم عن إتيان مثله أنه ليس من كلام البشر وأنه سماوي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.