بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (40)

قوله عز وجل : { إِنَّ الذين كَذَّبُواْ بآياتنا } أي بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { واستكبروا عَنْهَا } يعني : استكبروا عن قبولها . ويقال : عن النظر فيها { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أبواب السماء } لأعمال الكفار أي : ليس لهم عمل صالح يفتح لهم أبواب السماء ويقال : لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا ماتوا . وقال بعضهم : { أبواب السماء } أي أبواب الجنة { وَلاَ يَدْخُلُونَ الجنة حتى يَلِجَ الجمل فِي سَمّ الخياط } أي لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة . وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الجمل . فقال : زوج الناقة . وقال الضحاك : الجمل الذي له أربع قوائم . وقال بعض الناس : الجمل هو أشتر بالفارسية وقال الحسن : هو ولد الناقة وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ { حتى يَلِجَ الجمل } بضم الجيم وتشديد الميم وهو حبل السفينة الغليظ . وسئل عكرمة عن قوله : { حتى يَلِجَ الجمل } قيل : وما الجمل ؟ قال : الحبل الذي يصعد به النخل . قال سعيد بن جبير هو حبل السفينة الغليظ . قرأ أبو عمرو { لا تُفْتَحْ } بالياء بلفظ التذكير بالتخفيف . وقرأ الباقون بالتاء المشددة . فمن قرأ بالتأنيث فلأنها من جماعة الأبواب . ومن قرأ بالتذكير فلأن الفعل مقدم . ومن قرأ بالتشديد أراد به تكثير الفتح . ومن قرأ بالتخفيف فتفتح مرة واحدة وقرأ بعضهم في { سُمِّ الخياط } بضم السين وهي قراءة شاذة وهما لغتان قال أبو عبيدة : كل ثقب فهو سم .

ثم قال عز وجل : { وكذلك نَجْزِي المجرمين } أي هكذا نعاقب المشركين .