بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلۡحَقَّ مِنۡ عِندِكَ فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئۡتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (32)

{ إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين } ، نزلت في شأن نضر بن الحارث ، كان يحدث عن الأمم الخالية من حديث رستم وإسفنديار ، فقال : إن الذي يخبركم محمد مثل ما أحدثكم من أحاديث الأولين وكذبهم ، فقال له عثمان بن مظعون : اتق الله يا نضر ، فإنه ما يقول إلا حقاً ، فقال النضر بن الحارث قوله تعالى : { وَإِذْ قَالُواْ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ } ، يعني إن كان ما يقول محمد من القرآن حقاً ، { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء } . قال أبو عبيدة كل شيء في القرآن أمطر فهو من العذاب ، وما كان من الرحمة فهو مطر . وروى أسباط عن السدي قال : قال النضر بن الحارث : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً ، فأمطر علينا حجارة من السماء ، { أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } فنزل { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] فاستجيب دعاؤه وقتل في يوم بدر .

قال سعيد بن جبير : قتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثلاثة صبراً النضر بن الحارث ، وطعمة بن عدي ، وعقبة بن أبي معيط . وكان النضر أسره المقداد ، فقال المقداد : يا رسول الله أسيري . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الله وَرَسُولِهِ مَا يَقُولُ » فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيري . فقال : « اللَّهُمَّ أَغْنِ المِقْدَادَ مِنْ فَضْلِكَ » . فقال المقداد : هذا الذي أردت فنزل { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ؛ وكان ذلك القول من النضر حين كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ، فأخبر الله تعالى أنه لا يعذبهم وأنت بين ظهرانيهم ، حتى يخرجك عنهم كما أخرج الأنبياء قبلك عن قومهم ثم عذبهم .