قوله تعالى : { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ } ؛ وذلك أن نفراً من قريش اجتمعوا في دار الندوة ؛ وكانت قريش إذا اجتمعوا للمشورة والتدبير يجتمعون في تلك الدار ، فاجتمعوا فيها وأغلقوا الباب لكيلا يدخل رجل من بني هاشم ، ليمكروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ويحتالوا في أمره ؛ فدخل إبليس في صورة شيخ وعليه ثياب أطمار ، وجلس معهم فقالوا من أدخلك أيها الشيخ في خلوتنا بغير إذننا ؟ فقال : أنا رجل من أهل نجد ، ورأيت حسن وجوهكم وطيب ريحكم ، فأردت أن أسمع حديثكم ، وأقتبس منكم خيراً وقد عرفت مرادكم ، فإن كرهتم مجلسي خرجت عنكم . فقالوا : هذا رجل من أهل نجد وليس من أرض تهامة ، لا بأس عليكم منه فتكلموا فيما بينهم . فقال عمرو بن هشام : أرى أن تأخذوه وتجعلوه في بيت وتسدوا بابه ، وتجعلوا له كوة لطعامه وشرابه حتى يموت . فقال إبليس : بئس الرأي الذي رأيت ، تعمدون إلى رجل له فيكم أهل بيت ، وقد سمع به من حولكم فتحبسونه وتطعمونه ، يوشك أهل بيته الذين فيكم أن يقاتلوكم أو يفسدوا جماعتكم . فقالوا : صدق والله الشيخ .
ثم تكلم أبو البختري بن هشام قال : أرى أن تحملوه على بعير ثم تخرجوه من أرضكم ، حتى يموت أو يذهب به حيث شاء ، فقال إبليس عدو الله : بئس الرأي الذي رأيت ، تعمدون إلى رجل أفسد جماعتكم ومعه منكم طائفة ، فتخرجوه إلى غيركم ، فيأتيهم سوء فيفسد منهم أيضاً جماعة ، ويقبل إليكم ويكون فيه هلاككم . فقالوا : صدق والله الشيخ .
فقال أبو جهل : أرى أن يجتمع من كل بطن منكم رجل ، ثم تعطونهم السيوف فيضربونه جميعاً ، فلا يدري قومه من يأخذون وتؤدي قريش ديته . فقال إبليس : صدق والله هذا الشاب . فتفرقوا على ذلك ، فأمر الله تعالى بالهجرة وأخبره بمكر المشركين فنزلت هذه الآية { وَإِذْ يَمْكُرُ بك الذين كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ } ، يعني ليحبسوك في البيت { أو يقتلوك } بالبيت ، { أَوْ يُخْرِجُوكَ } من مكة .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب بأن يبيت في مكانه ، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه ونام عليّ مكانه ، وأهل مكة يحرسونه ويظنون أنه في البيت ؛ ثم دخلوا البيت ، فإذا هو عليّ رضي الله عنه فقالوا : يا عليّ أين محمد ؟ فقال : لا أدري . فطلبوه فلم يجدوه . { وَيَمْكُرُونَ } ، يعني ويمكرون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويريدون به الشر { وَيَمْكُرُ الله } ، يعني يريد بهم الهلاك حين أخرجهم إلى بدر فقتلوا . { والله خَيْرُ الماكرين } ، يعني أصدق الماكرين فعلاً وأفضل الصانعين صنعاً وأعدل العادلين عدلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.