الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذۡ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلۡحَقَّ مِنۡ عِندِكَ فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئۡتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (32)

وقوله عز وجل : { وَإِذْ قَالُوا اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ } [ الأنفال : 32 ] .

رُوِيَ عن مجاهدٍ وغيره : أن قائل هذه المقالة هو النَّضْرُ بْنُ الحَارثِ المذكورُ ، وفيه نزلَتْ هذه الآية .

قال ( ع ) : " وترتَّب أن يقول النَّضْرُ مقالَةً ، وينسبها القُرآن إِلى جميعهم ؛ لأن النضر كان فيهم موسُوماً بالنُّبْل والفَهْم ، مسكوناً إِلى قوله ، فكان إِذا قال قولاً قاله منهم كثيرٌ ، واتبعوه عليه ؛ حَسَب ما يفعله الناسُ أبداً بعلمائهم وفقهائهم ) .

( ت ) : وخرَّج البخاريُّ بسنده ، عن أنسِ بنِ مالكٍ ، قال : قَالَ أَبو جَهْلٍ : ( اللَّهُمَّ إِن كان هذا هُوَ الحَقَّ من عندكْ ، فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) ، فنزلَتْ : { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } [ الأنفال : 33 ] إِلى { عَنِ المسجد الحرام } [ الأنفال : 34 ]أه . والمشار إِليه ب { هذا } هو القرآن وشَرْعُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، والذي حملهم على هذه المقالة هو الحَسَدُ ، فعَمِيَتْ بصائرهم عن الهدَى ، وصَمَّموا على أنَّ هذا ليس بحقٍّ ، نعوذ باللَّه من جَهْدِ البلاءِ ، وسُوء القضاء ، وحكى ابن فُورَكَ : أن هذه المقالة خرجَتْ منهم مَخْرَجَ العنادِ ، وهذا بعيدٌ في التأويل ، ولا يقولُ هذا على جهة العناد عاقلٌ ، وقراءةُ الناسِ إِنما هي بنَصْب «الحق » ؛ على أنه خَبَرَ «كان » ، ويكون «هو » فَصلاً ، فهو حينئذٍ اسم ، و«أمْطِرْ » إِنما تستَعْملُ غالباً في المكروه ، و«مَطَرَ » في الرحمة ؛ قاله أبو عُبَيْدة .