الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِذۡ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلۡحَقَّ مِنۡ عِندِكَ فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئۡتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (32)

{ وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ } الآية نزلت أيضاً في النضر بن الحرث بن علقمة بن كندة من بني عبد الدار .

قال ابن عباس : لمّا قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية ، قال النضر : لو شئت لقلت مثل هذا إنْ هذا إلاّ أساطير الأوّلين في كتبهم .

فقال عثمان بن مظعون : اتق الله فإن محمداً يقول الحق . قال : فأنا أقول الحق . قال : فإن محمداً يقول : لا إله إلاّ الله . قال : فأنا أقول لا إله إلاّ الله . ولكن هذه شأن الله يعني الاصنام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

{ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } [ الزخرف : 81 ] قال النضر : ألا تَرون أن محمداً قد صدقني فيما أقول يعني قوله

{ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ } [ الزخرف : 81 ] .

قال له المغيرة بن الوليد : والله ما صدّقك ولكنه يقول ما كان للرحمن ولد .

ففطن لذلك النضر فقال : اللّهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك .

{ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } { هُوَ } عماداً وتوكيد وصلة في الكلام ، و { الْحَقَّ } نصب بخبر كان { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ } كما أمطرتها على قوم لوط .

قال أبو عبيدة : ما كان من العذاب . يقال : فينا مطر ومن الرحمة مطر { أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي بنفس ما عذبت به الأُمم وفيه نزل :

{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] .

قال عطاء : لقد نزل في النضر بضعة عشرة آية من كتاب الله فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر .

قال سعيد بن جبير : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر : " ثلاثة صبروا منكم من قريش المطعم بن عدي . وعقبة بن أبي معيط . والنضر بن الحرث " .

" وكان النضر أسير المقداد فلمّا أمر بقتله قال المقداد : أسيري يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّه كان يقول في كتاب الله ما يقول " قال المقداد : أسيري يا رسول الله ، قالها ثلاث مرّات . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة : " اللّهمّ اغن المقداد من فضلك " .

فقال المقداد : هذا الذي أردت " .