{ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم } يعني مسيرهم ومعناه أن خروجهم لما كان للشيطان ، { زين لهم الشيطان أعمالهم } وذلك أن أهل مكة لما وجدوا العير ، أرادوا الرجوع إلى مكة ، فأتاهم إبليس على صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ، فقال لهم : لا ترجعوا حتى تستأصلوهم ، فإنكم كثير وعدوكم قليل . ثم قال : { وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس } ، يعني لا يطيقكم أحد لكثرتكم وقوتكم .
{ فَلَمَّا تَرَاءتِ الفئتان } ، يعني اجتمع الجمعان ، جمع المؤمنين وجمع المشركين ، { نَكَصَ على عَقِبَيْهِ } ؛ أي راجعاً وراءه ؛ فقال له الحارث بن هشام : أين ما ضمنت لنا ؟ { وَقَالَ إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ إِنّي أرى مَا لاَ تَرَوْنَ } . فقال له الحارث : وهل ترى إلا جعاشيش أهل يثرب ؟ والجعاشيش جمع جعشوش ، وهو الرجل الحقير الدميم القصير . فقال : { إِنّي أَخَافُ الله والله شَدِيدُ العقاب } . قال ابن عباس : خاف إبليس أن يأخذه جبريل أسيراً ، فيعرفه الناس فيراه الكفار ، فيعرفونه بعد ذلك ، فلا يطيعونه ؛ ولم يخف على نفسه الموت والقتل ، لأنه كان يعلم أن له بقاء إلى يوم ينفخ في الصور . قال إبليس : { إني أرى ما لا ترون } ، أي أرى جبريل معتجراً بردائه يقود الفرس ، فلما تولى قالوا هزم الناس سراقة . فسار سراقة بعد رجوعهم إلى مكة ، وقال : والله ما شعرت بمسيركم ، حتى بلغني هزيمتكم . فقالوا له : ألم تأتنا يوم كذا وكذا ؟ فحلف أنه لم يحضر ؛ فلما أسلموا ، علموا أنه كان إبليس .
وقال مقاتل : لم يجتمع جمع قط منذ كانت الدنيا أكثر من يوم بدر ، وذلك أن إبليس جاء بنفسه ، وحضرت الشياطين ، وحضر كفار الجن كلهم ، وتسعمائة وخمسون من المشركين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر من المؤمنين ، وتسعون من مؤمني الجن ، وألف من الملائكة . وروي عن الحسن البصري أنه كان إذا قرأ هذه السورة ، كان يقول : طوبى لجيش كان قائدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومبارزهم أسد الله ، وجهادهم في طاعة الله ، ومددهم ملائكة الله ، وجارهم أمين الله ، وثوابهم رضوان الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.