فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَا يَنفَعُكُمۡ نُصۡحِيٓ إِنۡ أَرَدتُّ أَنۡ أَنصَحَ لَكُمۡ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغۡوِيَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (34)

{ ولا ينفعكم نصحي } الذي أبذله لكم وأستكثر منه قياما مني بحق النصيحة لله بإبلاغ رسالته لكم بإيضاح الحق ، وبيان بطلان ما أنتم عليه { إن أردت أن أنصح لكم } وجواب هذا الشرط محذوف والتقدير لا ينفعكم نصحي كما يدل عليه ما قبله .

{ إن كان الله يريد أن يغويكم } أي إغواءكم فلا ينفعكم النصح مني وكان جواب هذا الشرط محذوفا كالأول وتقديره ما ذكرنا ، وهذا التقدير إنما هو على مذهب من يمنع من تقدم الجزاء على الشرط ، وأما على مذهب من يجيزه فجزاء الشرط الأول ولا ينفعكم نصحي ، والجملة جزاء للشرط الثاني .

قال ابن جرير : معنى يغويكم يهلككم بعذابه ، وظاهر لغة العرب أن الإغواء الإضلال ، فمعنى الآية لا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يضلكم عن سبيل الرشاد ، ويخذلكم عن طريق الحق . وحكى عن طي أصبح فلان غاويا أي مريضا وليس هذا المعنى هو المراد في الآية وقد ورد الإغواء بمعنى الإهلاك ومنه فسوف يلقون غيا ، وهو غير ما في الآية هذه .

{ هو ربكم } فإليه الإغواء وإليه الهداية { وإليه ترجعون } فيجازيكم بأعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر .