فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٞ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزۡدَرِيٓ أَعۡيُنُكُمۡ لَن يُؤۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيۡرًاۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا فِيٓ أَنفُسِهِمۡ إِنِّيٓ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (31)

{ ولا أقول لكم عندي خزائن الله } أعطيكم منها بين لهم أنه كما لا يطلب منهم شيئا من أموالهم على تبليغ الرسالة كذلك لا يدعي أن عنده خزائن الله حتى تستدلوا بعدمها على كذبه كما قالوا { وما نرى لكم علينا من فضل } والمراد بخزائن الله خزائن رزقه ، وقال ابن الأنباري : خزائن هنا بمعنى غيوب الله وما هو منطو عن الخلق والأول أولى لقوله { ولا أعلم الغيب } أي ولا أدعي أني أعلم بغيب الله بل لم أقل لكم إلا أني نذير مبين إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم وهذا رد لقولهم { وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي } أي في ظاهر حالهم وأول فكرهم وفي الباطن لم يتبعوك فقال لهم إني إنما أعول على الظاهر لأني لا أعلم الغيب فأحكم به .

{ ولا أقول } لكم { إني ملك } حتى تقولوا ما نراك إلا بشرا مثلنا ، فإن البشرية ليست من موانع النبوة بل من مباديها وقد استدل بهذا من قال إن الملائكة أفضل من الأنبياء والأدلة نفي هذه المسألة مختلفة وليس لطالب الحق إلى تحقيقها حاجة فليست هي مما كلفنا الله بعلمه .

{ ولا أقول للذين } أي في شأن الذين { تزدري أعينكم } أي تحتقر وتستصغر والإزدراء مأخوذ من أزرى عليه إذا عابه وزرى عليه إذا احتقره والمعنى أني لا أقول لهؤلاء المتبعين لي المؤمنين بالله الذين تعيبونهم وتحتقرونهم { لن يؤتيهم الله خيرا } أي توفيقا وهداية وإيمانا وأجرا بل قد آتاهم الخير العظيم بالإيمان به واتباع نبيه فهو مجازيهم بالجزاء العظيم في الآخرة ورافعهم في الدنيا على أعلى محل ولا يضرهم احتقاركم لهم شيئا .

{ والله أعلم بما في أنفسهم } من الإيمان به والإخلاص له فمجازيهم على ذلك ليس لي ولا لكم من أمرهم شيء ، { إني إذا لمن الظالمين } لهم إن فعلت ما تريدونه بهم أو من الظالمين لأنفسهم إن فعلت ذلك بهم .