فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَنَادَىٰهَا مِن تَحۡتِهَآ أَلَّا تَحۡزَنِي قَدۡ جَعَلَ رَبُّكِ تَحۡتَكِ سَرِيّٗا} (24)

{ فناداها } أي خاطبها لما سمع قولها { من } قرئ بكسر الميم وفتحها وهما سبعيتان { تحتها } الضمير إما لمريم وإما للنخلة والأول أولى لتوافق الضميرين وكانت على أكمة وكان جبريل أسفل منها تحت الأكمة ، قال قتادة : الذي نادها جبريل ، وبه قال ابن عباس : وزاد . ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها ، وقد اختلفت الروايات عن السلف ، هل هذا المنادي هو جبريل ؟ أو عيسى ؟ فمن قرأ { من } بالفتح فهو عيسى ، ومن قرأ بالكسر فهو جبريل { أن لا تحزني } تفسير للنداء أو المعنى بأن لا تحزني على أنها مصدرية ولا ناهية أو نافية { قد جعل ربك تحتك } { أي قربك { سريا } .

قال جمهور المفسرين : السري النهر الصغير لأن الماء يسري فيه ، والسري . الجدول ، والجمع سريان والسري الرئيس ، والجمع سراة وهو عزيز لا يكاد يوجد له نظير ، لأنه لا يجمع فعيل على فعلة وجمع السراة سروات وسري مفعول ، وجعل بمعنى صير أو خلق .

وقيل : السري من سريات الثوب أي نزعته ، وسررت الحبل عن الفرس ، والأول أولى ، والمعنى قد جعل تحت قدمك نهرا قيل : كان هذا قد انقطع عنه الماء فأرسل الله فيه الماء لمريم وأحيى به ذلك الجذع اليابس الذي اعتمدت عليه حتى أورق وأثمر .

وقيل : معنى تحتك تحت أمرك أي إن أمرته أن يجري جرى ، وإن أمرته بالإمساك أمسك ؛ والأول أولى . عن جماعة من التابعين أن المراد بالسري هنا عيسى ، والسري العظيم من الرجال ، ومنه قولهم فلان سري ، أي عظيم ومن قوم سراة أي عظام .

أخرج الطبراني وابن النجار وابن مردويه ، عن ابن عمر أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن السري الذي في الآية نهر أخرجه الله لها لتشرب منه ، وفي سنده أيوب بن نهيك الجبلي قال فيه أبو حاتم الرازي : ضعيف وقال أبو زرعة : منكر الحديث ، وقال أبو الفتح الأزدي : متروك الحديث ، وقال الطبراني بعد إخراجه إنه غريب جدا .