فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

ثم نزه ذاته عن سمات النقص فقال :{ لو أردنا أن نتخذ لهوا } اللهو ما يتلهى به ، تقول أهل نجد لهوت عنه ألهو لهيا ، والأصل لهوى من باب قعد على فعول وأهل العالية لهيت عنه ألهى من باب تعب ومعناه السلوان والترك ، ولهوت به لهوا من باب قتل أولعت به وتلهيت به أيضا ، قال الطرطوشي : وأصل اللهو ؛ الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة وألهاني الشيء بالألف شغلني .

قيل : اللهو هنا الزوجة والولد ، وقيل : الزوجة فقط ، وقيل : الولد فقط ، قال الجوهري : قد يكنى باللهو عن الجماع ومنه قول الشاعر :

وفيهن ملهى للصديق ومنظر

والجملة مستأنفة لتقرير مضمون ما قبلها ، وجواب لو قوله : { لاتخذناه من لدنا } أي من عندنا ومن جهة قدرتنا لا من عندكم ويستثنى نقيض التالي لينتج نقيض المقدم .

قال المفسرون : أي من الولدان أو الحور العين أو الملائكة ، وفي هذا رد على من قال بإضافة الصاحبة والولد إلى الله ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وقيل : أراد الرد على من قال . الأصنام أو الملائكة بنات الله ؛ وقال ابن قتيبة : الآية رد على النصارى .

{ إن كنا فاعلين } قال الفراء والمبرد والزجاج : ويجوز أن تكون { إن } للنفي كما ذكره المفسرون أي ما فعلنا ذلك ولم نتخذ صاحبة ولا ولدا ويجوز أن تكون للشرط أي إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا ، قال الفراء : وهذا أشبه الوجهين بمذهب العربية .