فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمان الرحيم

سورة الأنبياء

مكية . قال القرطبي في قول الجميع ، وهي مائة وإحدى أو اثنتا عشر آية

وسميت بذلك لذكر قصص الأنبياء فيها وأخرج البخاري وغيره عن ابن مسعود قال بنو إسرائيل والكهف ومريم والأنبياء من العتاق الأول وهن من تلادى .

عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب فأكرم عامر مثواه وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه الرجل فقال : إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا ما في ديار العرب واد أفضل منه ، وقد أردت أن أقطع إليك قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك ، فقال عامر : لا حاجة لي في قطعتك نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا يريد هذه السورة .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ( 1 ) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ( 2 ) لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ( 3 ) قال ربّ يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم ( 4 ) بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ( 5 ) } .

{ اقترب للناس حسابهم } يقال قرب الشيء واقترب ، قال الزجاج المعنى : اقترب لهم وقت حسابهم أي القيامة ، كما في قوله : { اقتربت الساعة } وتقديم { للناس } على الحساب لإدخال الروعة ، ومعنى اقتراب الحساب دنوه منهم لأنه في كل ساعة أقرب إليهم من الساعة التي قبلها .

وقيل : لأن كل ما هو آت قريب وإنما البعيد ما اقرض ومضى ، وموت كل إنسان قيام ساعته ، والقيامة أيضا قريبة بالإضافة إلى ما مضى من الزمان فما بقي من الدنيا أقل مما مضى ، والمراد بالناس العموم ، وقيل المشركون مطلقا ، وقيل : كفار مكة وعلى هذا الوجه قيل المراد بالحساب عذابهم يوم بدر .

{ وهم في غفلة } عن حسابهم وعما يفعل بهم في الدنيا { معرضون } عن الآخرة غير متأهبين لما يجب عليهم من الإيمان بالله والقيام بفرائضه والانزجار عن مناهيه ، أخرج النسائي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآية ( قال في الدنيا ) وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أمر الدنيا ) .