فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَئِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ} (55)

{ ائنكم لتأتون الرجال ؟ } فيه تكرير للتوبيخ مع التصريح ، بأن تلك الفاحشة هي اللواطة التي أبهمها أولا ، وفيه إشارة على أن فعلتهم هذه مما يعي الواصف ، ولا يبلغ كنه قبحها ، ولا يصدق ذو عقل أن أحدا يفعلها ، ثم علل ذلك بقوله :

{ شهوة } تنزيلا لهم إلى رتبة البهائم التي ليس فيها قصد ولد . ولا عفاف ، والتقدير للشهوة أو إتيانا شهوة ، أو مشتهين لهم .

{ من دون النساء } أي متجاوزين النساء اللاتي هن محل لذلك ، وفيه إشارة إلى أنهم أساءوا من الطرفين في الفعل والترك .

{ بل أنتم قوم تجهلون } التحريم ، أو عاقبة فعلكم ، والعقوبة على هذه المعصية ، قيل : أراد بالجهل السفاهة التي كانوا عليها ، أو تفعلون فعل الجاهلين بقبحه ، وقد اجتمع الخطاب والغيبة هنا ، وفي قوله : بل أنتم قوم تفتنون فغلب الخطاب على الغيبة لأنه أقوى وأرسخ إذا الأصل أن يكون الكلام بين الحاضرين .