ثم ذكر سبحانه علامة أخرى للقيامة فقال :{ ويوم ينفخ في الصور } وهو معطوف على { ويوم نحشر } منصوب بناصبه المتقدم ، قال الفراء : إن المعنى وذلكم يوم ينفح في الصور ، والأول لأولى ، والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل ، وقد تقدم في الأنعام استيفاء الكلام عليه ، والنفخات في الصور ثلاث :
والثالثة : نفخة البعث وقيل إنها نفختان وإن نفخة الفزع إما أن تكون راجعة إلى نفخة الصعق أو إلى الصعق أو إلى نفخة البعث ، واختار هذا القشيري والقرطبي وغيرهما وقال الماوردي : هذه النفخة المذكورة هنا هي يوم النشور من القبور . { ففزع } كل { من } كان { في السماوات ومن } كان { في الأرض } حيا ذلك الوقت لم يسبق له موت أو كان ميتا لكنه حي في قبره كالأنبياء والشهداء أي خافوا الخوف المفضي بهم إلى الموت كما في آية أخرى { فصعق من في السماوات } الخ وانزعجوا لشدة ما سمعوا وقيل المراد بالفزع هنا الإسراع والإجابة إلى النداء من قولهم فزعت إليك في كذا إذا أسرعت إلى إجابته ، والأول أولى بمعنى الآية ، وإنما عبر بالماضي مع كونه معطوفا على المضارع لدلالة على تحقيق الوقوع حسبما ذكره علماء البيان وقال الفراء : هو محمول على المعنى لأن المعنى إذا نفخ .
{ إلا من شاء الله } أن لا يفرغ عند تلك النفخة فهو لا يفزع واختلف في تعيين من وقع الاستثناء له ، فقيل : هم الشهداء والأنبياء وقيل : الملائكة وقيل : جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وقيل : الحور العين وخزنة النار وحملة العرش . وقيل : هم المؤمنون كافة بدليل قوله فيما بعد ، من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون . ويمكن أن يكون الاستثناء شاملا لجميع المذكورين فلا مانع من ذلك ، قال البيضاوي لعل المراد ما يعم ذلك لعدم قرينة الخصوص انتهى . فهؤلاء كلهم لا يفضي بهم الفزع إلى الغشي والإغماء بل هو أقل من ذلك .
{ وكل أتوه } قرئ فعلا ماضيا ، وكذا قرأ ابن مسعود وقرأ قتادة ( كل آتاه ) وقرئ ( آتوه ) على اسم الفاعل مضافا إلى الضمير الراجع إلى الله سبحانه ، قال الزجاج : من قرأ على الفعل الماضي فقد وحد على لفظ كل ، ومن قرأ على اسم الفاعل فقد جمع على معناه وهو غلط ظاهر فإن كلتا القراءتين لا توحيد فيهما بل التوحيد في قراءة قتادة فقط .
{ داخرين } أي صاغرين ذليلين قال ابن عباس . وقرئ ( دخرين ) بغير الألف والمعنى صغار ذل وهيبة من الجبار فيشمل هذا الطائعين والعاصين وقال الكرخي : المراد به ذا العبودية والرق لا ذل الذنوب والمعاصي وذلك يعم الخلق كلهم كما في قوله تعالى { إن كل من في السماوات والأرض إلا آتى الرحمان عبدا } ، وفي القاموس : دخر الشخص كمنع وفرح دخرا ودخورا صغرا وذل وادخرته بالألف للتعدية وقد مضى تفسير هذا في سورة النحل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.