فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (139)

( ولا تهنوا ولا تحزنوا ) : عزاهم وسلاهم لما نالهم يوم أحد من القتل والجراح ، وحثهم على قتال عدوهم . ونهاهم عن العجز والفشل ، والمعنى لا تضعفوا عن الجهاد ولا تحزنوا على من قتل منكم لأنهم في الجنة .

ثم بين لهم انهم الأعلون على عدوهم بالنصر والظفر فقال : ( وأنتم الأعلون ) جمع أعلى والأصل أعليون هي جملة حالية أي والحال أنكم الأعلون عليهم وعلى غيرهم بعد هذه الوقعة ، وقد صدق الله وعده فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة أحد ظفر بعدوه في جميع وقعاته ، وقيل المعنى وأنتم الأعلون عليهم بما أصبتم منهم في يوم بدر فإنه أكثر مما أصابوا منكم اليوم .

أخرج ابن جرير وغيره عن ابن جريج قال : انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب يوم أحد ، فسألوا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وما فعل فلان ، فنعى بعضهم لبعض ، وتحدثوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فكانوا في هم وحزن ، فبينما هم كذلك علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقعهم على الجبل ، وكانوا على إحدى جنبتي المشركين وهم أسفل من الشعب ، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم فرحوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم لا قوة لنا إلا بك و ليس أحد يعبدك في هذا البلد غير هؤلاء فلا تهلكهم ، و ثاب تفر من المسلمين رماة فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله . وعلا المسلمون الجبل فذلك قوله ( وانتم الأعلون ) وقال الضحاك أتنم الغالبون ( إن كنتم مؤمنين ) أي مصدقين بأن ناصركم هو الله تعالى فصدقوا بذلك فإنه حق وصدق .