فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا} (113)

{ ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ( 113 ) }

{ ولولا فضل الله عليك ورحمته } خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد بهذا الفضل والرحمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نبهه على الحق في قصة بني أبريق وقيل المراد بهما العصمة والنبوة { لهمت طائفة منهم } أي من الجماعة الذين عضدوا بني أبيرق يعني من بني ظفر ، وهم قوم طعمة { أن يضلوك } عن القضاء الحق وتوخي طريق العدل أو يخطئوك في الحكم ويلبسوا عليك الأمٍر .

{ وما يضلون إلا أنفسهم } لأن وبال ذلك عائد عليهم بسبب تعاونهم على الإثم { وما يضرونك من شيء } لأن الله سبحانه هو عاصمك من الناس ، ولأنك عملت بالظاهر فلا ضرر عليك في الحكم به قبل نزول الوحي ، ومن زائدة .

{ وأنزل الله عليك الكتاب } قيل هذا ابتداء كلام وقيل الواو للحال أي وما يضرونك من شيء حال إنزال الله عليك القرآن أو مع إنزال الله ذلك عليك ، فالجملة في معنى العلة لما قبله { والحكمة } أي القضاء بها { وعلمك } أي بالوحي من أحكام الشرع وأمور الدين أو علم الغيب وخفيات الأمور أو من أحوال المنافقين وكيدهم أو من ضمائر القلوب { ما لم تكن تعلم } من الوحي ، وقال قتادة : علمه الله بيان الدنيا والآخرة وبين حلاله وحرامه ليحتج بذلك على خلقه وقال الضحاك : علمه الخير والشر .

{ وكان فضل الله عليك عظيما } فيما علمك وأنعم عليك لأنه لا فضل أعظم من النبوة التامة ، والرسالة العامة ، وفيه تنبيه منه سبحانه لرسوله على ما حباه من ألطافه ، وما شمله من فضله وإحسانه ليقوم بواجب حقه .