{ يوم يجمعكم } العالم في الظرف لتنبؤن قاله النحاس ، وقال غيره : هو خبير ، وقيل : محذوف هو أذكر ، قال أبو البقاء : هو ما دل عليه الكلام أي تتفاوتون يوم يجمعكم ، وقرأ الجمهور بفتح الياء وضم العين وروي إسكانها ولا وجه لذلك إلا التخفيف وإن لم يكن هذا موضعا له كما قرئ في { وما يشعركم } بسكون الراء ، وقرئ نجمعكم بالنون ومعنى { ليوم الجمع } ليوم القيامة ، فإنه يجمع فيه أهل المحشر للجزاء ، ويجمع فيه بين كل عامل وعمله ، وبين كل نبي وأمته ، وبين كل ظالم ومظلومه ، وبين الأولين والآخرين من الإنس والجن وجميع أهل السماء ، وأهل الأرض .
{ ذلك } يعني أن يوم القيامة هو { يوم التغابن } وذلك أنه يغبن فيه بعض أهل المحشر بعضا فيغبن فيه أهل الحق الباطل ، ويغبن فيه أهل الإيمان أهل الكفر ، وأهل الطاعة أهل المعصية ، ولا غبن أعظم من غبن أهل الجنة أهل النار عند دخول هؤلاء الجنة وهؤلاء النار ، فتركوا منازلهم التي كانوا يستنزلونها ، لو لم يفعلوا ما يوجب النار ، فكأن أهل النار استبدلوا الخير بالشر ، والجيد بالرديء ، والنعيم بالعذاب ، وأهل الجنة على العكس من ذلك يقال : غبنت فلانا إذا بايعته أو شاركته ، فكان النقص عليه ، والغلبة والغبن فوت الحظ ، كذا قال المفسرون ، فالمغبون من غبن أهله ومنازله في الجنة ، فإطلاق التغابن على ما يكون فيها إنما هو بطريق الاستعارة ، وأن التفاعل ليس من اثنين ، وكذا المغابنة على سبيل التجريد ، قال ابن عباس يوم التغابن من أسماء يوم القيامة ، وعنه قال : غبن أهل الجنة أهل النار .
{ ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته } أي من وقع منه التصديق مع العمل الصالح استحق تكفير سيئاته { ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } قرأ الجمهور يكفر ويدخله بالتحتية وقرئ بالنون وفيه التفات من الغيبة إلى التكلم { خالدين فيها أبدا } حال مقدرة فيه مراعاة معنى من { ذلك } أي ما ذكر من التكفير والإدخال { الفوز العظيم } أي الظفر الذي لا يساويه ظفر ، والعظيم أعلى حالا من الكبير الذي ذكر في سورة البروج ، لأن ما فيها قد رتب على إدخال الجنات فقط ، وما هنا قد رتب على الأمرين المذكورين ، فهو جمع للمصالح من دفع المضار وجلب المنافع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.