فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الملك

وتسمى سورة تبارك والواقية والمنجية ، وتدعى في التوراة ( {[1]} ) المانعة ، وهي ثلاثون آية ، وهي مكية قال القرطبي : في قول الجميع ، وعن ابن عباس قال : نزلت بمكة .

" وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية ، شفعت لرجل حتى غفر له ، تبارك الذي بيده الملك " ( {[2]} ) ، أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن الضريس والحاكم وصححه ، وابن مردويه والبيهقي في الشعب والترمذي وقال : هذا حديث حسن .

و " عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة : تبارك " الآية أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه والضياء في المختارة .

و " عن ابن عباس قال : ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر ، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هي المانعة هي المنجية من عذاب القبر " أخرجه الحاكم وابن مردويه وابن نصر والبيهقي في الدلائل والترمذي وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه .

و " عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تبارك هي المانعة من عذاب القبر ( {[3]} ) أخرجه ابن مردويه والنسائي وصححه الحاكم .

و " عن رافع بن خديج وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنزلت عليّ سورة تبارك وهي ثلاثون آية جملة واحدة ، وهي المانعة في القبور ، أخرجه ابن مردويه .

و " عن ابن عباس أنه قال لرجل ألا أتحفك بحديث تفرح به ، قال بلى ، قال اقرأ تبارك الذي بيده الملك وعلمها أهلك وجميع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك ، فإنها المنجية والمجادلة تجادل يوم القيامة عند ربها لقارئها ، وتطلب له أن ينجيه الله من عذاب النار ، وينجو بها صاحبها من عذاب القبر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي " أخرجه عبد بن حميد في مسنده والطبراني والحاكم وابن مردويه .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ( 1 ) }

{ تبارك الذي بيده الملك } تبارك تفاعل من البركة ، والبركة النماء والزيادة ، وقيل : تعالى وتعاظم عن صفات المخلوقين ، وقيل : دام فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ولا آخر لدوامه . وقال الحسن : تبارك تقدس ، وصيغة تفاعل للمبالغة ، واليد مجاز عن القدرة والاستيلاء عند المتكلمة ، وصفة من صفاته عند المحدثين وهو الأولى .

والملك هو ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة ، فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء ، ويرفع من يشاء ويضع من يشاء ، وقيل : المراد بالملك ملك النبوة ، وقيل : الملك الأمر والنهي والسلطان ، أي التمكن من سائر الموجودات يتصرف فيها كيفما أراد . قال الرازي : الملك تمام القدرة واستحكامها ، والأول أولى ، لأن الحمل على العموم أكثر مدحا وأبلغ ثناء ، ولا وجه للتخصيص .

{ وهو على كل شيء قدير } أي بليغ القدرة ، لا يعجزه شيء من الأشياء ، يتصرف في ملكه كيف يريد من إنعام وانتقام ، ورفع ووضع ، وإعطاء ومنع . قال أبو السعود : الجملة معطوفة على الصلة ، مقررة لمضمونها ، مفيدة لجريان أحكام ملكه تعالى في جلائل الأمور ودقائقها . وفي الكرخي لما اقترن الشيء بقوله قدير ، علم أن المراد من المعدوم الذي يدخل تحت القدرة دون غيره .


[1]:ثم بفتح الثاء أي هناك.
[2]:- أين هذا الحديث: من رواه؟ من أخرجه؟ لم نجده في أي كتاب لدينا.
[3]:- الترمذي كتاب التفسير الباب الأول بلفظ: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.