ثم ذكر سبحانه تساؤلهم عماذا وبينه فقال : { عن النبأ العظيم } أورده سبحانه أولا على طريقة الإستفهام مبهما لتتوجه إليه أذهانهم ، وتلتفت إليه أفهامهم ، ثم بينه بما يفيد تعظيمه وتفخيمه ، كأنه قيل عن أي شيء يتساءلون ، هل أخبركم به ، ثم قيل بطريق الجواب { عن النبأ العظيم } على منهاج قوله : { لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار } وإنما كان ذلك النبأ أي القرآن عظيما لأنه ينبئ عن التوحيد وتصديق الرسول ، ووقوع البعث والنشور .
وقال الضحاك : يعني نبأ يوم القيامة وكذا قال قتادة .
وقد استدل على أن النبأ هو القرآن بقوله الآتي : { الذي هم فيه مختلفون } فإنهم اختلفوا في القرآن فجعله بعضهم سحرا وبعضهم شعرا وبعضهم كهانه وبعضهم قال هو أساطير الأولين ، وأما البعث فقد اتفق الكفار إذ ذاك على إنكاره ، ويمكن أن يقال أنه قد وقع الاختلاف في البعث في الجملة فصدق به المؤمنون ، وكذب به الكافرون ، وقد وقع الخلاف فيه من هذه الحيثية وإن لم يقع الاختلاف فيه بين الكفار أنفسهم على التسليم والتنزل .
ومما يدل على أنه القرآن قوله سبحانه : { قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون } ومما يدل على أنه البعث أنه أكثر ما كان يستنكره المشركون وتأباه عقولهم السخيفة .
وأيضا فطوائف الكفار قد وقع الاختلاف بينهم في البعث فأثبتت النصارى المعاد الروحاني ، وأثبتت طائفة من اليهود المعاد الجسماني ، وفي التوراة التصريح بلفظ الجنة باللغة العبرانية بلفظ جنعيذا بجيم مفتوحة ثم نون ساكنة ثم عين مهملة مكسورة ثم تحتية ساكنة ثم ذال معجمة بعدها ألف ، وفي الإنجيل في مواضع كثيرة التصريح بالمعاد ، وأنه يكون فيه النعيم للمطيعين ، والعذاب للعاصين .
وقد كان بعض طوائف كفار العرب ينكر المعاد كما حكى الله عنه بقوله : { إن هذه إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما نحن بمبعوثين } وكانت طائفة منهم غير جازمة بنفيه بل شاكة فيه كما حكى الله عنهم بقوله : { إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين } وما حكاه الله عنهم بقوله : { وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلي ربي إن لي عنده للحسنى } فقد حصل الاختلاف بين طوائف الكفر على هذه الصفة .
وقد قيل إن الضمير في قوله يتساءلون يرجع إلى المؤمنين والكفار لأنهم جميعا كانوا يتساءلون عنه : فأما المسلم فيزداد يقينا واستعدادا وبصيرة في دينه ، وأما الكافر فاستهزاء وسخرية .
قال الرازي : ويحتمل أنهم يسألون الرسول ويقولون ما هذا الذي تعدنا به من أمر الآخرة ، قال ابن عباس : النبأ العظيم القرآن ، وهذا مروي عن جماعة من التابعين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.