فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادٗا} (7)

ثم ذكر سبحانه بديع صنعه وعظيم قدرته على البعث وأشار إلى الأدلة الدالة عليها وذكر منها تسعة ليعرفوا توحيده ويؤمنوا بما جاء به رسوله فقال : { ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا } . أي قدرتنا على هذه الأمور المذكورة أعظم من قدرتنا على الإعادة بالبعث ، فما وجه إنكاركم ، لأنه قد تقرر أن الأجسام متساوية الأقدام في قبول الصفات والأعراض .

وهذا الجعل بمعنى الإنشاء والإبداع كالخلق خلا إنه مختص بالإنشاء التكويني ، وفيه معنى التقدير والتسوية ، وهذا عام له كما في الآية الكريمة ، وقيل : الجعل بمعنى التصيير ، والمهاد الوطاء والفراش كما في قوله : { الذي جعل لكم الأرض فراشا } قرأ الجمهور بالجمع ، وقرئ مهدا .

والمعنى أنها كالمهد للصبي وهو ما يمهد له فينام عليه ، وسمي الممهود بالمهد تسمية للمفعول بالمصدر كضرب الأمير ، والأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتادا للأرض لتسكن ولا تتحرك كما ترسى الخيام بالأوتاد .

وفي هذا دليل على أن التساؤل الكائن بينهم هو عن أمر البعث لا عن القرآن ولا عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كما قيل ، لأن هذا الدليل إنما يصلح للاستدلال به على البعث .