وهي خمس آيات ، قال المحلي : أو ست آيات ، قال سليمان الجمل : ولم يذكر غيره هذا القول من المفسرين فيما رأينا ؛ بل اقتصروا على كونها خمسا ، ولعل قائل هذا القول يعد { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم } آية مستقلة ، ثم رأيت في السمين ما يشير إليه انتهى ، وهي مكية عند أكثر المفسرين ، كذا قال الماوردي ، وقال الثعلبي : هي مدنية في قول أكثر المفسرين ، وهو الأصح ، وذكر الواقدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة ، وعن ابن عباس وابن الزبير وعائشة أنها نزلت بمكة .
{ إنا أنزلناه } الضمير للقرآن وإن لم يتقدم له ذكر ، عظمه حيث أسند إنزاله إليه دون غيره ، وجاء بضميره دون اسمه الظاهر للاستغناء عن التنبيه عليه ، ورفع مقدار الوقت الذي أنزله فيه ، والنون في إنا للتعظيم ، روي أنه أنزل جملة واحدة .
{ في ليلة القدر } إلى السماء الدنيا من اللوح المحفوظ ، ثم كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما على حسب الحاجة ، وكان بين نزول أوله وآخره على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وعشرون سنة .
وفي آية أخرى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة } وهي ليلة القدر ، وفي آية أخرى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس } وليلة القدر في شهر رمضان ، قال مجاهد : في ليلة القدر ، ليلة الحكم .
وقد أخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل وغيرهم عن ابن عباس : " أنزل القرآن في ليلة القدر حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ، ثم جعل جبريل ينزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بجواب كلام العباد وأعمالهم " .
ومعلوم أن الإنزال مستعار للمعاني من الأجرام ، شبه نقل القرآن من اللوح إلى السماء وثبوته فيها بنزول جسم من علو إلى أسفل ، فعلى هذا هو مجاز مستعار .
قيل : سميت ليلة القدر لأن الله سبحانه يقدر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة من أمر الموت والأجل والرزق وغير ذلك .
وقيل : إنها سميت بذلك لعظم قدرها وشرفها ، من قولهم : لفلان قدر ، أي شرف ومنزلة ، كذا قال الزهري . وقيل : سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدرا عظيما ، وثوابا جزيلا . وقال الخليل : سميت ليلة القدر لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة ، كقوله { ومن قدر عليه رزقه } أي ضيق .
والأحاديث في فضل ليلة القدر كثيرة ، وكذا في تعيينها ، وليس هذا موضع بسطها .
وقد اختلف في تعيين ليلة القدر على أكثر من أربعين قولا ، قد ذكرناها بأدلتها ، وبيّنا الراجح منها في شرحنا لبلوغ المرام المسمى بمسك الختام ، وذكرها الشوكاني في شرحه لمنتقى الأخبار المسمى بنيل الأوطار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.