الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَـٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ} (159)

أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : سأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة ، وسعد بن معاذ أخو بني الأشهل ، وخارجة بن زيد أخو الحرث بن الخزرج ، نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة ، فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم ، فأنزل الله فيهم { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى . . . } الآية .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } قال : هم أهل الكتاب .

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى . . . } الآية . قال : أولئك أهل الكتاب كتموا الإسلام وهو دين الله ، وكتموا محمدا ، وهم ( يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنحيل ) ( الأعراف الآية 157 ) { ويلعنهم اللاعنون } قال : من ملائكة الله المؤمنين .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : هم أهل الكتاب كتموا محمدا ونعته ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم حسدا وبغيا .

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة ، قال له : هل تجدون محمدا عندكم ؟ قال : لا .

وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } قال : الجن والإنس ، وكل دابة .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله { ويلعنهم اللاعنون } قال : إذا أجدبت البهائم دعت على فجار بني آدم . فقالت : تحبس عنا الغيث بذنوبهم .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن مجاهد في قوله { ويلعنهم اللاعنون } قال : إن البهائم إذا اشتدت عليهم السنة قالت : هذا من أجل عصاة بني آدم ، لعن الله عصاة بني آدم .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله { ويلعنهم اللاعنون } قال : دواب الأرض العقارب والخنافس يقولون : إنما منعنا القطر بذنوبهم فيلعنونهم .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة في قوله { ويلعنهم اللاعنون } قال : يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب ، يقولون : منعنا القطر بذنوب بني آدم .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي جعفر في قوله { ويلعنهم اللاعنون } قال : كل شيء حتى الخنفساء .

وأخرج ابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب قال : كنا في جنازة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال " إن الكافر يضرب ضربتين بين عينيه فيسمعه كل دابة غير الثقلين ، فتلعنه كل دابة سمعت صوته ، فذلك قول الله { ويلعنهم اللاعنون } يعني دواب الأرض " .

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله { ويلعنهم اللاعنون } قال : قال البراء ابن عازب : إن الكافر إذا وضع في قبره أتته دابة كأن عينيها قدران من نحاس معها عمود من حديد ، فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح لا يسمع أحد صوته إلا لعنه ، ولا يبقى شيء إلا سمع صوته إلا الثقلين الجن والإنس .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله { ويلعنهم اللاعنون } قال : الكافر إذا وضع في حفرته ضرب ضربة بمطرق ، فيصيح صيحة يسمع صوته كل شيء إلا الثقلين الجن والإنس ، فلا يسمع صيحته شيء إلا لعنه .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الوهاب بن عطاء في قوله { إن الذين يكتمون . . . } الآية . قال : سمعت الكلبي يقول : هم اليهود . قال : ومن لعن شيئا ليس هو بأهل رجعت اللعنة على يهودي ، فذلك قوله { ويلعنهم اللاعنون } .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن مروان ، أخبرني الكلبي عن أبي صالح عن ابن مسعود في هذه الآية قال : هو الرجل يلعن صاحبه في أمر يرى أن قد أتى إليه ، فترتفع اللعنة في السماء سريعا ، فلا تجد صاحبها التي قيلت له أهلا ، فترجع إلى الذي تكلم بها فلا تجد لها أهلا ، فتنطلق فتقع على اليهود فهو قوله { ويلعنهم اللاعنون } فمن تاب منهم ارتفعت عنهم اللعنة ، فكانت فيمن بقي من اليهود وهو قوله { إلا الذين تابوا . . . } الآية .

وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سئل عن علم عنده فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة " .

وأخرج ابن ماجه عن أنس بن مالك " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من سئل عن علم فكتمه ألجمه يوم القيامة بلجام من نار " .

وأخرج ابن ماجه والمرهبي في فضل العلم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كتم علما مما ينفع الله به الناس في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " .

وأخرج ابن ماجه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا لعن آخر هذه الأمة أولها ، فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله " .

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما عبد آتاه الله علما فكتمه لقي الله يوم القيامة ملجما بلجام من نار " .

واخرج أبو يعلى والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار " .

وأخرج الطبراني من حديث ابن عمر وابن عمرو مثله .

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه " .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان قال : علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه .

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة قال : لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدا بشيء أبدا ، ثم تلا هذه الآية { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى . . . . . } الآية .

159