ثم قال( {[4985]} ) : ( اِنَّ الذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى ) [ 158 ] .
يعني أحبار( {[4986]} ) اليهود وعلماء النصارى كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته وتركوا اتباعه مع كونه مذكوراً عندهم في التوراة والإنجيل موصوفاً( {[4987]} ) .
وذكر عن ابن( {[4988]} ) عباس أن معاذ بن( {[4989]} ) جبل سال بعض أحبار( {[4990]} ) اليهود عن ما في التوراة من ذكر النبي عليه السلام فكتموه إياه ، فأنزل الله عز وجل ( اِنَّ الذِينَ يَكْتُمُونَ )( {[4991]} ) . إلى : ( اللاَّعِنُونَ )( {[4992]} ) . وهو قول مجاهد( {[4993]} ) .
وقال قتادة : " هم أهل الكتاب كتموا الإسلام ، وهو دين الله سبحانه وكتموا محمداً وهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل " ( {[4994]} ) .
/وقوله : ( مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ )( {[4995]} ) [ 158 ] .
يعني بالكتاب هنا : التوراة والإنجيل . وهذه الآية وإن كانت خاصة لبعض الناس فإنها عامة لكل من سئل عن علم يعلمه فكتمه .
وقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[4996]} ) " مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ( {[4997]} ) " ( {[4998]} ) .
ثم قال : ( أُوْلاَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) [ 158 ] .
أي : أولئك الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم يعلنهم الله عز وجل بكتمانهم ، أي : يبعدهم( {[4999]} ) الله من رحمته ويطردهم .
وقوله( {[5000]} ) : ( وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) [ 158 ] .
قيل : معناه : ويسأل ربَّهم اللاعنون أن( {[5001]} ) يلعنهم( {[5002]} ) لأن كل لاعن إنما يقول : " اللهم العن هذا " .
وقيل( {[5003]} ) : اللاعنون البهائم ؛ إذا أسْنَتَتِ( {[5004]} ) السَّنَةُ ، قالت البهائم : " هذا من أجل( {[5005]} ) عصاة بني آدم ، لعن الله عصاة بني آدم " ( {[5006]} ) .
وقال عكرمة : " يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب/ يقولون : منعنا القطر بذنوب بني آدم " ( {[5007]} ) .
وإنما جُمِعَ جَمْعَ السلامة( {[5008]} ) على هذا القول ، وهو ما لا يعقل لأنه لما أخبر عنهم بمثل ما يخبر عن بني آدم جمعهم كما يجمع بني آدم( {[5009]} ) .
وقال قتادة : " اللاعنون هنا : الملائكة والمؤمنون " ( {[5010]} ) . وقاله الربيع( {[5011]} ) .
قال مقاتل : " اللاعنون كل ما على وجه الأرض إلا الثقلين : الجن والإنس ، وذلك أن الكافر إذا أدخل( {[5012]} ) قبره ضربته/الملائكة بمقمعة حين تقول له : من ربك ؟ فيقول : لا أدري ، فيصيح صيحة يسمعها كل ما على وجه الأرض من غير الجن والإنس ، فلا تَقِر تلك الصيحة في سمع شيء إلا لعنه " .
قال مجاهد : " اللاعنون البهائم " ( {[5013]} ) .
ولما وصفت باللعنة : جاز جمعها( {[5014]} ) بالواو والنون ، وإن كانت لا تعقل . وله نظائر كثيرة( {[5015]} ) .
وقيل : / اللاعنون الملائكة الذين يسوقون أهل الكفر إلى النار . والهاء في ( خَالِدِينَ فِيهَا ) تعود على اللعنة( {[5016]} ) .
واللعن أصله الطرد والبعد من الرحمة( {[5017]} ) .
قال مقاتل : " اللعنة النار " . وحسن ذلك عنده لما كانت عاقبة اللعنة المصير إلى النار .
وقال السدي : " اللاعنون ما عدا بني آدم والجن " ( {[5018]} ) .
وروي عن البراء بن( {[5019]} ) عازب : " أن الكافر إذا وضع في قبره أتته دابة كأن عينيها( {[5020]} ) قدران( {[5021]} ) من نحاس ، معها عمود من حديد ، فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح ، فلا يسمع أحد صوته إلا لعنه ، ولا( {[5022]} ) يبقى شيء إلا سمع صوته إلا الثقلين : الجن والإنس " ( {[5023]} ) . / وهو قول الضحاك( {[5024]} ) .
ويروى عن ابن مسعود أنه قال : " اللاعنون : الاثنان إذا تلاعنا ألحقت اللعنة مستحقها منهما ، فإن لم يستحقها واحد منهما( {[5025]} ) رجعت على اليهود " ( {[5026]} ) .
وقي : هذه اللعنة إنما تكون يوم/القيامة كما قال( {[5027]} ) تعالى : ( وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً )( {[5028]} )( {[5029]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.