بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَـٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ} (159)

{ إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البينات } نزلت في شأن رؤساء اليهود ، منهم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وابن صوريا ، يقول : يكتمون ما أنزلنا في التوراة من البينات : الحلال والحرام وآية الرجم . { والهدى } ، يعني أمر محمد صلى الله عليه وسلم { مِن بَعْدِ مَا بيناه لِلنَّاسِ فِي الكتاب } ، أي في التوراة . ويقال : في القرآن { أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون } ، أي يخذلهم الله ويلعنهم اللاعنون قال ابن عباس : وذلك أن الكافر إذا وضع في قبره ، سئل من ربك وما دينك ؟ فيقول : لا أدري . فيقال له : ما دريت فهكذا كنت في الدنيا ، ثم يضربه ضربة يصيح منها صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين ، فلا يسمع صوته شيء إلا يلعنه . فذلك قوله تعالى : { وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون } وروي عن ابن مسعود أنه قال : إذا تلاعن اثنان ، فإن كان أحدهما مستحقاً للعنة رجعت اللعنة إليه ، وإن لم يكن يستحق أحدهما اللعنة ارتفعت اللعنة إلى السماء ، فلم تجد هناك موضعاً فتنحدر فترجع إلى الذي تكلم بها إن كان أهلاً لذلك ؛ وإن لم يكن أهلاً لذلك رجعت إلى الكفار ، وفي بعض الروايات إلى اليهود . فذلك قوله تعالى : { وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون } .