تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَـٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ} (159)

الآية 159 وقوله تعالى : ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات ) : قيل : ( البينات ) هي : الحجج ؛ أي كتموا ما أنزل الله من الحجج التي كانت في كتبهم ، وقيل : كتموا ما بين في كتبهم من بعث{[1870]} محمد وصفته . وجائز أن تكون ( البينات ) ما بين للخلق مما عليهم أن يأتوا ، ويتقوا من الأحكام من الحلال والحرام .

وقوله : ( والهدى ) : قيل : الصواب والرشد ، وقيل : ( والهدى ) ما جاءت به أنبياؤهم من شأن محمد صلى الله عليه وسلم وهم ( يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) [ الأعراف : 157 ] .

[ وقوله : ( من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ) ]{[1871]} ؛ اختلف في ( بيناه للناس ) ؛ قيل : بينا للمؤمنين ما كتم{[1872]} اليهود من بعثه{[1873]} ودينه . ويحتمل : البيان بالحجج والبراهين ، ويحتمل البيان بالخبر ، أخبر المؤمنين بذلك .

وقوله : ( أولئك يلعنهم الله ) قال بعض أهل الكلام : اللعن هو الشتم من الله تعالى . لكنا لا نستحسن إضافة لفظ الشتم إليه ؛ لأن المضاف إليه الشتم يكون مذموما به في المعروف مما جبل عليه الخلق ، ونقول : اللعن هو الطرد في اللغة ، طردهم عز وجل عن أبواب الخير .

وقوله : ( يلعنهم اللاعنون ) يعني الداعين عليهم باللعن ، سموا بذلك اللاعنين ، ويحتمل : يستعبدهم عن الخيرات وأنواع البر ، وقيل : [ ( اللاعنون ) ]{[1874]} هم البهائم ؛ إذ قحطت السماء وأسنت{[1875]} الأرض ، قالت البهائم : منعنا القطر بذنوب بني آدم ، لعن الله عصاة بني آدم .


[1870]:- في النسخ الثلاث: نعت.
[1871]:- ساقطة من ط ع.
[1872]:-- في النسخ الثلاث: كتمهم.
[1873]:- في النسخ الثلاث: نعته.
[1874]:- من ط ع.
[1875]:- أسنت: من السنة، وهي الجدب: أسنت الأرض: أجدبت.