تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ} (50)

الآيتان 49 و50 : وقوله تعالى : { قال فمن ربكما يا موسى } { قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } وقال في آية أخرى : { قال فرعون وما رب العالمين } { قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين } الآية [ الشعراء : 23 و24 ] [ وقال في آية أخرى ]{[12278]} { قال رب المشرق والمغرب وما بينهما } [ الشعراء : 28 ] .

سأله عن ماهيته ، فأجابه موسى عن آثار صنعه في خلقه ، وأنه رب كل شيء ورب ما ذكر . لم يجبه عما سأله من ماهيته وكيفيته حين{[12279]} { قال فمن ربكما يا موسى } فجوابه عن الماهية : { ربنا } فلان وأنه كذا . ففيه دلالة أن الله ، لا يُعرف من جهة الماهية والكيفية ؛ إذ لا ماهية له ، ولا كيفية ، إذ هما أوصاف الخلق ؛ فالله ، سبحانه ، يتعالى عن أن يوصف بشيء من صفات الخلق .

ثم يحتمل قوله : { أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } وجوها :

أحدها : { أعطى كل شيء خلقه } [ صورته وهيئته . والثاني : { أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } جنسه وشكله . والثالث : { أعطى كل شيء خلقه } معاشه وقوامه . والرابع : { أعطى كل شيء خلقه } ما يكون بعد الفناء صورة ما قد كان ] {[12280]} ليُعْلَمَ أنه قادر على بعثهم على الصورة التي كانت .

وقوله تعالى : { ثم هدى } [ هو مبني ] {[12281]} على قوله : { أعطى كل شيء خلقه } .

فإن كان تأويل : {[12282]} { أعطى كل شيء خلقه } صورته وهيئته فقوله : { ثم هدى } للنجاة . وإن كان [ تأويل ] {[12283]} { أعطى كل شيء } جنسه وشكله [ فقوله : { ثم هدى } ]{[12284]} للنسل . وإن كان تأويل : {[12285]} { أعطى كل شيء خلقه } ما به معاشهم وقوامهم [ فقوله : { ثم هدى } ]{[12286]} لما يتعيشون به ، ويقومون به ، وهداهم{[12287]} لما يصلح لهم ، والله أعلم .


[12278]:في الأصل وم: و.
[12279]:في الأصل وم: حيث.
[12280]:في الأصل وم: يكون صورة ما قد كان معاشه وقوامه.
[12281]:في الأصل وم: فهو.
[12282]:في الأصل وم: التأويل.
[12283]:ساقطة من الأصل وم.
[12284]:في الأصل وم: ثم هداه.
[12285]:في الأصل وم: قوله.
[12286]:في الأصل وم: ثم هداه.
[12287]:في الأصل وم: وهداه.