الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28)

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الخشية والإيمان والطاعة والتشتت في الألوان .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { إنما يخشى الله من عباده العلماء } قال : العلماء بالله الذين يخافونه .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { إنما يخشى الله من عباده العلماء } قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم من كثرة الحديث ، ولكن العلم من الخشية .

وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : العالم من خشي الله .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن صالح أبي الخليل رضي الله عنه في قوله { إنما يخشى الله من عباده العلماء } قال : أعلمهم بالله أشدهم له خشية .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي حيان التيمي عن رجل قال : كان يقال العلماء ثلاثة . عالم بالله ، وعالم بأمر الله ، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله . فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ، ويعلم الحدود والفرائض . والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض ، والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ، ولا يخشى الله .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، إنما العلم نور يقذفه الله في القلب .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الإِيمان من خشي الله بالغيب ، ورغب فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما أسخط الله . ثم تلا { إنما يخشى الله من عباده العلماء } .

وأخرج عبد بن حميد عن مسروق قال : كفى بالمرء علماً أن يخشى الله ، وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعمله .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كفى بخشية الله علماً ، وكفى باغترار المرء جهلاً .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الفقيه من يخاف الله .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن العباس العمي قال : بلغني أن داود عليه السلام قال : سبحانك ! تعاليت فوق عرشك ، وجعلت خشيتك على من في السموات والأرض ، فأقرب خلقك إليك أشدهم لك خشية ، وما علم من لم يخشك ، وما حكمة من لم يطع أمرك .

وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم بكثرة الرواية ، ولكن العلم الخشية .

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « العلم علمان : علم في القلب ، فذاك العلم النافع . وعلم على اللسان ، فتلك حجة الله على خلقه » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : بحسب المرء من العلم أن يخشى الله .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس يفطرون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخلطون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون ، وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخاباً ، ولا صياحاً ، ولا حديداً .

وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : أقبلت مع عكرمة أقود ابن عباس رضي الله عنهما بعدما ذهب بصره حتى دخل المسجد الحرام ، فإذا قوم يمترون في حلقة لهم عند باب بني شيبة فقال : أمل بي إلى حلقة المراء ، فانطلقت به حتى أتاهم ، فسلم عليهم ، فأرادوه على الجلوس ، فأبى عليهم وقال : انتسبوا إليّ أعرفكم فانتسبوا إليه فقال : أما علمتم أن لله عباداً أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم ، إنهم لهم الفصحاء ، النطقاء ، النبلاء ، العلماء بأيام الله ، غير أنهم إذا ذكروا عظمة الله طاشت عقولهم من ذلك ، وانكسرت قلوبهم ، وانقطعت ألسنتهم ، حتى إذا استقاموا من ذلك سارعوا إلى الله بالأعمال الراكية ، فأين أنتم منهم ؟ ثم تولى عنهم ، فلم ير بعد ذلك رجلان .

وأخرج الخطيب فيه أيضاً عن سعيد بن المسيب قال : وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثماني عشرة كلمة حكم كلها قال : ما عاقبت من عصى الله فيك مثل أن تطيع الله فيه ، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك ، ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شراً أنت تجد لها في الخير محملاً ، ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به . من كتم سره كانت الخيرة في يده ، وعليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء ، عدة في البلاء ، وعليك بالصدق وإن قتلك ، ولا تعرض فيما لا يعني ، ولا تسأل عما لم يكن ، فإن فيما كان شغلاً عما لم يكن ، ولا تطلب حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك ، ولا تهاون بالحلف الكاذب فيهلكك الله ، ولا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك إلا الأمين ، ولا أمين إلا من خشي الله ، وتخشع عند القبور ، وذل عند الطاعة ، واستعصم عند المعصية ، واستشر الذين يخشون الله ، فإن الله تعالى يقول { إنما يخشى الله من عباده العلماء } .

وأخرج عبد بن حميد عن مكحول قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العالم والعابد فقال : « فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم . ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية { إنما يخشى الله من عباده العلماء } ثم قال إن الله وملائكته ، وأهل السماء ، وأهل الأرض ، والنون في البحر ، ليصلون ، على معلمي الخير » .