الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ} (10)

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان أول شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه جبريل بأجياد ثم خرج لبعض حاجته فصرخ به جبريل يا محمد يا محمد ، فنظر يميناً وشمالاً فلم ير شيئاً ثلاثاً ، ثم رفع بصره فإذا هو ثانٍ إحدى رجليه على الأخرى على أفق السماء ، فقال : يا محمد جبريل جبريل يسكنه فهرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل في الناس فنظر فلم ير شيئاً ، ثم خرج من الناس فنظر فرآه فذلك قول الله { والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى } إلى قوله { ثم دنا فتدلى } يعني جبريل إلى محمد { فكان قاب قوسين أو أدنى } جبريل إلى عبد ربه .

وأخرج النسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { فأوحى إلى عبده ما أوحى } قال : عبده محمد صلى الله عليه وسلم .

وأخرج الطبراني في السنة والحكيم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت النور الأعظم ولط دوني بحجاب رفرفه الدر والياقوت فأوحى الله إليّ ما شاء أن يوحي » .

وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الدلائل عن سريج بن عبيد قال : لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء فأوحى الله إلى عبده ما أوحى قال : »فلما أحس جبريل بدنو الرب خر ساجداً فلم يزل يسبحه تسبيحات ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة حتى قضى الله إلى عبده ما قضى ، ثم رفع رأسه فرأيته في خلقه الذي خلق عليه منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت ، فخيل إليّ أن ما بين عينيه قد سد الأفقين وكنت لا أراه قبل ذلك إلا على صور مختلفة وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي ، وكنت أحياناً لا أراه قبل ذلك إلا كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال » .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر أن جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي .