قوله : «فَأوْحَى » أي أوحى الله وإن لم يَجْرِ له ذكر لعدم اللبس «إلى عبده » محمد . وقوله «مَا أَوْحَى » أبهمَ تعظيماً له ورفعاً من شأنه . وبهذه الآية استدل ابن مالك على أنه لا يشترط في الصلة أن تكون معهودة{[53422]} عند المخاطب .
ومثله : { فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ } [ طه : 78 ] إلا أن هذا الشرط هو المشهور عند النحويين{[53423]} . والوحي هو إِلقاء الشيء بسرعة ومنه : الوحاء الوحاء{[53424]} .
في فاعل ( أوحى ) الأول وجهان :
أحدهما : أن الله تعالى أوحى . وعلى هذا ففي «عبده » وجهان :
أحدهما : أنه جبريل أي أوحى الله إلى جبريلَ ، وعلى هذا ( أيضاً ) {[53425]} ففي فاعل أوحى «الأخير » وجهان :
أحدهما : أنه الله تعالى أيضاً . والمعنى حينئذ فأوحى الله تعالى إلى جبريل الذي أوحاه ( الله ) {[53426]} أبهمه تفخيماً وتعظيماً للموحِي .
ثانيهما : فاعل ( أوحى ) الثاني جبريل أي أوحى إلى جبريل ما أوحى جبريلُ . وعلى هذا فالمراد من الذي أوحى جبريل - عليه ( الصلاة ) {[53427]} والسلام - يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مبنياً وهو الذي أوحى جبريل إلى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) {[53428]} .
وثانيهما : أن يكون عاماً أي أوحى الله إلى جبريل ما أوحى إلى كل رسول .
الوجه الثاني في ( عبده ) على قولنا : الموحِي هو الله : أنه محمد عليه الصلاة والسلام أي أوحى الله إلى محمد ما أوحى إليه ( للتفخيم{[53429]} والتعظيم .
الوجه الثاني في فاعل أوحى الأول : هو أنه جبريل أوحى إلى عبده أي عبد الله يعني محمداً ما أوحى إليه ) ربه عز وجل ؛ قاله ابن عباس في رواية عطاء والكلبي والحسن والربيع وابن زيد . وعلى هذا ففي فاعل «أوحى » الثاني وجهان :
أحدهما : أنه جبريل أي أوحى جبريل إلى عبد الله ما أوحى جبريل للتفخيم .
وثانيهما : أن يكون هو الله تعالى أي أوحى جبريل إِلى محمد ما أوحى الله إليه{[53430]} .
الأول : قال سعيد بن جبير أوحى الله إليه : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوى } [ الضحى : 6 ] إلى قوله : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } [ الشرح : 4 ] .
الثالث : أن أحداً من الأنبياء لا يدخل الجنة قبلك وأنَّ أمة من الأمم لا تدخلها قبل أمتك .
الرابع : أنه مبهم لا يطلع عليه أحد وتعبدنا به على الجملة .
الخامس : أن ما للعموم والمراد كل ما جاء به جبريل{[53431]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.