فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖ إِنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَمَاتُواْ وَهُمۡ فَٰسِقُونَ} (84)

{ ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا } يعني صلاة الجنازة { ولا تقم على قبره } قال الزجاج : معناه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له فمنع ههنا منه ، وقيل معناه لا تقم بمهمات إصلاح قبره . ولا تتول دفنه ، ولما نزلت هذه الآية ما صلى رسول الله عليه وآله وسلم على منافق ولا قام على قبره بعدها .

{ إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون } تعليل للنهي عن الصلاة والقيام على قبره ، وإنما وصفهم بالفسق بعد وصفهم بالكفر لأن الكافر قد يكون عدلا في دينه بأن يؤدي الأمانة ، ولا يضمر لأحد سوءا ، وقد يكون خبيثا في نفسه كثير الكذب والمكر والنفاق والخداع والجبن وإضمار السوء للغير والخبث وهي مستقبحة في كل دين عند كل أحد .

وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أبي بن سلول أتى ابنه عبد الله إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه فأعطاه ثم سأله أن يصل عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقام عمر فأخذ ثوبه فقال : يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال : إن الله خيرني وقال [ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ] وسأزيد على السبعين ، فقال إنه منافق فصلى عليه فأنزل الله { ولا تصلي على أحد منهم مات أبدا } الآية فترك الصلاة عليهم{[910]} ، والحديث له ألفاظ في الصحاح والسنن .

وكان ابن أبيّ رئيس الخزرج وينسب لأبيه وأمه فأبوه أبيّ وأمه سلول وكان اسمه عبد الله .


[910]:- مسلم 2400- البخاري 675.