نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖ إِنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَمَاتُواْ وَهُمۡ فَٰسِقُونَ} (84)

ولما أتم{[37006]} سبحانه الكلام في الاستغفار وتعليله إلى أن ختم بإهانة المتخلفين ، وكان القتل المسبب عن الجهاد سبباً لترك الصلاة على{[37007]} الشهيد تشريفاً له ، جعل الموت الواقع في القعود المرضي به عن الجهاد سبباً لترك الصلاة إهانة لذلك القاعد ، فقال عاطفاً على ما أفهمت جملة : { استغفر لهم{[37008]} أو لا تستغفر{[37009]} لهم } الآية ، من نحو : فلا تستغفر{[37010]} لهم أصلاً : { ولا تصلِّ } أي الصلاة التي شرعت لتشريف المصلى عليه والشفاعة فيه { على أحد منهم } ثم وصف الأحد بقوله : { مات } وقوله { أبداً } متعلق بالنهي لا بالموت { ولا تقم على قبره } أي لأن قيامك رحمة وهم غير أهل لها ، ثم علل ذلك بقوله : { إنهم كفروا بالله } أي الذي له العظمة كلها ولما كان الموت على الكفر مانعاً من الصلاة على الميت بجميع معانيها لم يحتج إلى التأكيد بإعادة الجار فقيل -{[37011]} : { ورسوله } أي الذي هو أعظم الناس نعمة عليهم بما له من نصائحهم بالرسالة ، والمعنى أنهم لعظم ما ارتكبوا من ذلك لم يهدهم الله فاستمروا على الضلالة{[37012]} حتى ماتوا على صفة من وقع النهي على الاستغفار لهم المشار إليها بقوله { والله لا يهدي القوم الفاسقين } وذلك المراد من قوله معبراً بالماضي والمعنى على المضارع تحقيقاً للخبر وأنه واقع لا محالة : { وماتوا وهم } أي والحال أنهم بضمائرهم وظواهرهم{[37013]} { فاسقون* } أي غريقون في الفسق .


[37006]:في ظ: تم.
[37007]:سقط من ظ.
[37008]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[37009]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[37010]:في ظ: فلا يستغفر.
[37011]:زيد من ظ.
[37012]:في ظ: الضلال.
[37013]:في ظ: خواطرهم.